خالد صاغية
يحاول فريق السلطة في لبنان أن يصوّر انتخابات المتن الفرعية على أنّها معركة بين تيّارين سياسيّين لا يؤدّي المرشّحان فيها أيّ دور. وقد تبنّى المرشّح الخاسر هذه النظرة، من دون أن ينتبه إلى أنّه يدخل في لعبة مهينة لشخصه الكريم، ولعواطف أهل المتن تجاه عائلته وذكرى ابنه.
ففي حالة التيّار الوطنيّ الحر، كان اسم المرشّح فعلاً غير ذي معنى. إنّه مرشّح المعارضة. نقطة على السطر. فكميل خوري لم يكن ليحصد أصواتاً أكثر من كميل دوري أو كميل بوري. لكنّ ترشيح اسم غير معروف في السياسة يحمل بحدّ ذاته معنى كبيراً. فبنجاحه، أراد ميشال عون القول إنّه يستطيع أن يرشّح أيّاً يكن (مع الاحترام لشخص الدكتور خوري)، وأن يجعل منه نائباً معارضاً. 
لا يمكن قول الشيء نفسه عن الرئيس أمين الجميّل. لا يمكن أصلاً تسميته مرشّح السلطة. فهو، إلى جانب كونه رئيساً سابقاً للجمهورية وابن عائلة سياسية عريقة ورئيساً أعلى لحزب الكتائب، والد شهيد تجري الانتخابات لملء مقعده.
لا تهدف هذه الملاحظة إلى دحض نظرية تدنّي شعبية العماد ميشال عون، بقدر ما ترمي إلى تفسير خسارة الجميّل بأقلّ من خمسمئة صوت. فالمعنى الذي ستتركه هذه المعركة ليس تغيّر موازين القوى لمصلحة «مسيحيّي 14 آذار»، بل تغيّر موازين القوى داخل «مسيحيّي 14 آذار». لقد حصّن ميشال عون وضعه مسيحياً، أمّا الجميّل فحسّن وضعه بين مسيحيّي فريقه. ولعلّ هذا جلّ ما صبا إليه، على أبواب استحقاق رئاسي.