في شعره، وفي معظم رواياته، وخصوصاً الأولى منها، استثمر بركات هويته الكردية ومزاجه الكردي، فبنى أعماله انطلاقاً من مواد أولية كردية المنشأ والتاريخ والمناخ. الشريحة الأوسع ممن واكبوا تجربة بركات الروائية (والشعرية أيضاً) تمثلت في قرائه الأكراد. إذ لطالما فتنهم صاحب «فقهاء الظلام» بعظام حكاياته الكردية، وهو يكسوها بلحم البلاغة العربية واستعارات أعصابها وشرايينها. كان مجرد بصيص حدث أو اسم أو مكان كردي يكفي لإرواء عطش الأكراد وانغماسهم في نص يتحدث عنهم ويؤرخ لحياتهم. وفي سبيل ذلك، كانت تهون وعورة البلاغة ومشقة تورياتها. الأرجح أنّ إقبال الأكراد على أدبه، وإعجابهم الشديد بأعمال بركات يشكّل ظاهرة غريبة، إذ يصعب تفسير شغفهم بلغة بركات الأكثر بياناً وبلاغة ووعورة مما يكتبه كتاب عرب أقحاح. بل إن هذا الشغف الذي يحمل في الوقت نفسه، معنى قومياً لشعب عانى قمع هويته، دفع بعض الشعراء الأكراد، وخصوصاً الشباب منهم، إلى تقليد نبرة بركات، لكنهم لم ينجزوا إلا نسخاً فقيرة ومزيفة. ولأن صاحب «أنقاض الأزل الثاني» يتخلى في «السلالم الرملية» عن ثيمته الكردية، فالرواية تبدو فاقدة لذلك السلاح البديهي الذي كان يجتذب القارئ الكردي. ولعل هذا ما يبرّر النبرة الانتقادية (الخجولة على أي حال) لبعض المراجعات التي قام بها كتاب أكراد للرواية.
كان القارئ الكردي يعثر بسرعة على الشيفرة الكردية المدفونة تحت سطح العبارة العربية الباذخة. ومن أجل قليل من النكهة الكردية، كان يتحمّل المشقة التي يعانيها للتواصل مع روايات بركات. أما في روايته الجديدة «السلالم الرمليّة»، فإنه لن يتلقى سوى المزيد من الترميز والغموض.