بيار أبي صعب
إذا جاء الوزير طارق متري هذا المساء إلى «مسرح المدينة» لمشاهدة عرض ربيع مروّة، فعلى جمهور الحاضرين أن يقف ويستقبله بالتصفيق. لقد اكتشفنا لمسرحيّة «نانسي» بطلاً غير متوقع: إنّه وزير الثقافة اللبناني الذي كان له دور أساسي ومشكور في إنقاذ هذا العمل الفنّي من براثن الرقابة. بعد الإعلان عن قرار «دائرة مراقبة المطبوعات والتسجيلات الفنية في المديرية العامة للأمن العام» بمنع مسرحيّة «كم تمنت نانسي لو أن كلّ ما حدث ليس سوى كذبة نيسان»، سألنا أين وزير الثقافة؟ ولم يتأخّر الردّ. عبّر المثقف طارق متري في الصحافة عن موقفه الصريح: «أنا من الذين لا تقنعهم مبررات الرقابة على الكتب والمسرحيّات والأفلام السينمائيّة وسواها من الأعمال الإبداعيّة». ولا شك في أنّه قام بمهمّته الطبيعية على مستوى مجلس الوزراء الذي أدرج القضيّة على جدوله هذا الأسبوع. نتخيّل الوزير متري يقول لدولة الرئيس السنيورة: كيف نطبق الليبرالية في الاقتصاد (على حساب الطبقات الدنيا)، ونصرف النظر عنها في الثقافة (متنفس الشعب وضمير الجماعة)؟
لكن لنذهب بـ «معركة نانسي» إلى آخرها! بعيداً عن الأفق السياسي الضيّق الذي حاول أن يحتوي القضيّة، في هذا المنبر الاعلامي، أو على لسان ذلك القزم المستشرس. ليس هناك في هذه المعركة بطل (الوزير متري) وشرير (اللواء الركن وفيق جزّيني، المدير العام للأمن العام)! بل مجتمع مدني (من كل العائلات السياسية) يريد تطوير المؤسسات والقوانين والعقليات، في مواجهة بنى قديمة أدت قسطها للعلا منذ الاستقلال، وقد جاء الوقت للاستغناء عن خدماتها.
لقد آن الأوان لإغلاق مكتب الرقابة. آن الأوان لاعتبار المواطن ـــ الفنان خاصة ــــ راشداً ومسؤولاً أمام ضميره وجمهوره... وأمام القانون طبعاً. والقضاء المستقلّ والعادل وحده من شأنه أن يكون الحكم، كما ذكّر الوزير متري. شكراً معالي الوزير. فلنودّع الرقابة المسبقة على المصنّفات الفنيّة!