strong>محمد رضا
  • «أوشن ١٣»: Mission impossible في لاس فيغاس


  • عزيزي المشاهد، اترك فوراً عملك ومشاغلك السخيفة، وابحث عن أقرب كازينو، وباشر بالتخطيط للاستيلاء عليه. هل تشك بأن الأمر في منتهى السهولة؟ شاهد إذاً فيلم «أوشن ١٣»، وستعرف الجواب بنفسك. لكن انتبه! هناك شرط واحد، وبسيط، كي تنجح في مهمتك المستحيلة: أن تملك وقاحة المخرج ستيفن سودربيرغ، وجاذبيّة نجومه: كلوني، وبراد بيت ومات دامون ودون شيدل، وبيرني ماك... والآخرين

    فيلم «مهمة مستحيلة» الذي أدى بطولته توم كروز بأجزائه الثلاثة، مأخوذ من مسلسل تلفزيوني شهير بالعنوان نفسه، تحلّق حوله أيام الحرب الباردة كل مَن أراد أن يعرف كيف تكسب الاستخبارات الأميركية حروبها. وعلى كل حال، لم يكن لدينا الخيار، إذ ليس هناك مسلسلات تقول لنا كيف تخسر أميركا حروباً أخرى، لكن تلك مسألة أخرى...
    في المسلسل المذكور (تواصلت حلقاته من 1967 حتّى 1973، ثم بين 1988 و1990)، تُسند مهمّة إلى الفريق الذي يقوده الممثّل بيتر غريفز الذي لا يمكن أن يخطئ أبداً. سواء أكان مطلوباً منه إنقاذ عميل أميركي مسجون تحت الأرض في دولة لاتينية تريد تسليمه إلى الروس، أم استبدال مجوهرات ثمينة يريد الإرهابيون بيعها ليبتاعوا بثمنها سلاحاً صينياً، أم إذا كان مطلوباً منه القبض على جنرال تشيكي ونقله سرّاً إلى الولايات المتحدة!
    هذا الفريق المتخصّص كان أفضل مَن بوسعه إنجاز ذلك النوع من المهمّات الحساسة والمستعصية، على أكمل وجه. بل كان ينجز مهمّة «عويصة» من Mission impossible كل أسبوع على مدى خمسة مواسم تلفزيونية. ولا عجب والحال هذه أن تكون الأنظمة الشيوعية قد اندحرت عن بكرة أبيها، بعدما ضاقت ذرعاً بتحمّل ضربات بيتر غريفز وفريقه!
    واليوم، يأتي «أوشن 13» ليعيد إلى الأذهان المسلسل التلفزيوني الآنف الذكر! يتناول الفيلم قصّة عصابة وسيمة يديرها داني أوشن (جورج كلوني)، تذكّر بـ«مهمّة مستحيلة»: هناك كازينو في لاس فيغاس مجهّز أفضل تجهيز بكل وسائل الأمن والحماية. لكن لا أجهزة الإنذار، ولا رجال الأمن المنتشرون في المكان، ولا العيون الإلكترونية المثبّتة في كل نصف شبر من أرض الكازينو، ولا حتى الصناديق المصفّحة والمجهّزة بأجهزة الردع... بوسعها أن تقف في طريق داني أوشن ورفاقه. سيضع هؤلاء خطّة لسرقة الكازينو، وستُنفّذ على أكمل وجه من دون أن يعترضها أي حاجز. ولن يتأخر أحدٌ في العصابة لحظةً واحدةً، ولن يسبق وقته لحظةً. إنّها دقّة الموت!... كل شيء سيسير على ما يُرام، ليس لأنّ الخطّة كاملة ومضادة للماء والسماء، بل لأنّ الفيلم يريدها هكذا والمخرج ستيفن سودربيرغ كذلك!
    المهمّة مستحيلة؟ طبعاً لا! لا شيء يمكنه أن يقف في وجه هذه الزمرة. ولا أحد بوسعه أن يقاوم ابتسامة كلوني، ووسامة براد بيت، وتفاني مات دامون، وخبرة دون شيدل، ومهارة بيرني ماك... وباقي الفريق.
    في بداية الفيلم، نلاحظ أنّ ويلي بانك (آل باتشينو) رجل سيئ. استدرج روبين تيشكوف (إليوت غولد) الساذج وسرق منه نصيبه من الكازينو، ثم تركه مصاباً بنوبة قلبية، وحالة نفسية تجعله يمثّل دور الأبله معظم الوقت.
    إلا أنّ داني أوشن وجماعته لن يتركوا ويلي بانك يفلت من العقاب، وسيقومون بسرقة الكازينو في عملية تكلّف ١١ مليون دولار وأكثر. وحين ينفد المال، سيستدعون العدو السابق تيري بنديكت (آندي غارسيا) طالبين منه دعماً مالياً لقاء نيله فائدةً. يتشجّع تيري بنديكت للنيل من ويلي بانك بدوره، لكنّه يخطّط أيضاً للانتقام من عصابة أوشن لأنّها سرقته في الجزء الأول من الفيلم («أوشن11») قبل عدّة سنوات.
    عملية التخطيط لسرقة الكازينو والتحضير، وفتح الخرائط والوثائق وتبادل الرأي، تستغرق ساعةً ونصف الساعة من الفيلم، من أصل مدّة زمنية إجمالية تبلغ 122 دقيقة. كيف ستتمكّن العصابة، مثلاً، من الوصول إلى مكتب ويلي بانك في فندق الكازينو، ووضع كاميرا خفية تصوّر حركاته وتنقل كلماته؟ يتنكّر راستي رايان (براد بيت) في زي بائع معدّات، ويضع شعراً طويلاً مستعاراً، ويدخل مكتب ويلي ليبعيه جهاز إنذار للزلازل. وحين تفشل عملية البيع، يترك الجهاز في المكتب. علماً بأنّ هذا الجهاز هو الذي يحوي الكاميرا الخفية! لكن ماذا لو أنّ ويلي رفض مقابلة البائع؟ ماذا لو رمى الجهاز من النافذة؟ أو أصرّ على أن يأخذه راستي رايان معه حين ينصرف؟ لا. الخطّة لم تضع في حسبانها احتمالات مماثلة لأنّها ببساطة... لن تقع! العصابة واثقة من ذلك. وماذا عن الزلزال؟ هذا سيقع. تقضي الخطّة العبقرية بحفر نفق تحت الأرض يتّسع لآلة ضخمة تحتوي على «موتور» ثقيل (أثقل من الخطّة)، وعندما يُدار تهتز الأرض. وستُستخدم هذه الحيلة قبيل نهاية الفيلم، ليخطف اللاعبون أموالهم ويغادروا الكازينو قبل انهياره.
    أكثر من ذلك، هناك خطّة للتنكّر في زي خدم ودسّ براغيث في فراش رجل مسكين لتأكل وجهه. ليس مفهوماً تماماً جدوى هذه الخطّة في عملية التخطيط الكبير للسرقة، إلا أنّ ذلك لم يمنع كاتبي السيناريو برايان كوبلمان وديفيد ليفين من استخدامها.
    إذاً يستغرق التحضير لعملية السرقة معظم مدّة الفيلم، بينما تُكرّس نصف الساعة الأخيرة منه لعملية التنفيذ. لكن في ذلك الوقت، يكون المشاهد قد وصل إلى استنتاجاته سلفاً: الخطّة ستنجح، ولن يكون هناك أي عائق: لا مناعة الكازينو من جهة، ولا خطط الشريك المتآمر من جهة أخرى، ستعدّل النتيجة قيد أنملة. هكذا، خلا «أوشن 13» من المفاجآت، فيما تراكمت النجاحات في المشاهد الأخيرة بطريقة مذهلة. حتى أن المشاهد يخرج من الفيلم، وقد بدأت تداعبه فكرة التحوّل إلى سرقة الكازينوهات، ما دام الأمر بمتناول اليد، وبهذه البساطة!
    يشكو سيناريو الفيلم نقاط ضعف لا تليق بفيلم من الدرجة العاشرة. لكن ما همّ، لا شيء ولا أحد يمكنه أن يقف بوجه المخرج ستيفن سودربيرغ. وليس ما يمنعه من المضي في تنفيذ مهمّته المستحيلة، ما دام متسلّحاً بعصابة فريدة من نوعها. إنّها عصابة الممثلين الوسيمين!

    Ocean thirteen ابتداءً من 12 تموز (يوليو) في صالات أمبير