بيار أبي صعب
مقالتنا المنشورة في هذه الصفحة قبل أربعة أيام، عن أمسية محمود درويش الحيفاويّة المزمع إقامتها الأحد المقبل، أقامت الدنيا ولم تقعدها... وجاءت ضخامة ردود الفعل، لتؤكد على أهميّة الموضوع الذي أثرناه و«حساسيته»، بمعزل عن خطأ موقفنا أو صوابه. «أنا رايح على بلدي، يا بيار!» قال الشاعر معاتباً بأسلوبه الحضاري الرقيق. «نحن لا نفرق بين الداخل والخارج، كلها فلسطين!» كتبت عدنية من لندن. «هل ستعيدنا إلى نقاشات الستينات العقيمة، كأننا لا رحنا ولا جينا؟» سألت سهام من حيفا. باختصار، المسألة باتت قضية قومية.
محمود نجمتنا الأخيرة حقاً! وهدفنا، كان ولا يزال، إثارة نقاش ديموقراطي (على الضفّة نفسها)، يتجاوز البديهيات والمقدّسات والمحظورات، بعيداً عن أي تجنٍّ طبعاً، وخارج منطق التخوين وإعطاء الدروس «القومجيّة» الذي ليس من ثقافتنا وأخلاقنا. لا أحد يستطيع أساساً تدنيس رمز مثل محمود درويش، هو جزء من ضميرنا... لقد كان نوعاً من الحوار مع ذلك الضمير تحديداً، حول الزيارة وخياراتها وأبعادها، أثاره شخص يعرف تماماً أنّه يتكلّم من بعيد، من هنا استناده إلى «الداخل».
النقاش في النهاية، خارج الإسفاف والسفاهة والصراخ الهستيري، مسألة صحيّة! يشهد على ذلك زخم الكلام الذي ننشره هنا، وتنوعه. وإذا لم ننجح إلا في إثارة ذلك النقاش، فنحن نعتبر أننا وفّقنا في مسعانا.