strong> بشير مفتي
الضجّة التي رافقت «الملتقى الدولي الأول للكتّاب العرب في المهجر»، في الجزائر وخارجها، يجوز اعتبارها دليلاً اضافياً على نجاحه. التظاهرة استقطبت عدداً كبيراً من الكتّاب العرب في المهجر، فيما تغيب آخرون بسبب سوء التنسيق، مثل هاتف الجنابي وجاكلين سلام وفاضل العزاوي وطه عدنان. ولعل أول مفاجأة كانت تغيّب وزيرة الثقافة الجزائرية خليدة تومي عن الافتتاح، وهو ما جعله من دون رعاية رسمية. وكان يُفترض أن يقدّم الرئيس بوتفليقة جائزة التكريم التي منحت للمترجمة والباحثة سلمى خضراء الجيوسي.
كان الإشكال المطروح منذ البداية هو معنى أدب الهجرة وعلاقته بالمنفى. الروائي العراقي علي بدر حاول تدقيق هذا المصطلح، مركزاً على البعد الشعوري في تحديد المنفى على أنّه إحساس بالأسى.وقدّم الناقد العراقي شاكر لعيبي، مداخلة حول الشعر العراقي في المنفى. وجاءت شهادات الروائي السوري خليل النعيمي والروائية سميرة المانع وآخرين لتثري الملتقى. وقدّم المترجم والباحث هاشم صالح قراءةً مطولة في فكر محمد أركون، فيما تحدث الناقد بوعلام دلباني عن مفهوم القراءة عند أركون.
الشاعر التونسي خالد النجار قدّم دراسة مهمة عن مفكري الإسلام الأوائل لحظة هجرتهم إلى الغرب واصطدامهم معه. وفي باب الشهادات أيضاً، جاءت شهادة للنحات السوري عاصم الباشا، وأخرى قدّمتها الروائية الجزائرية فضيلة الفاروق عن منفى الذات ومنفى اللغة. وقالت «لا نستطيع تبديل أوطاننا بتغيير جواز سفرنا». ولوحظ أن وزيرة الثقافة غادرت حفلة الاختتام على عجل مع مشادة لفظية مع نوري الجراح!
وأقيمت «ليلة شعراء المهجر»، في مغارة ثرفنتاس الشهيرة التي يقال إنّه كتب فيها رواية دون كيخوته الشهيرة. شارك في القراءة ابراهيم المصري وسلام سرحان وبشير البكر والفنان التشكيلي حمادي الهاشمي... وزار بعض المؤتمرين مدينة تيارت غرب الجزائر حيث مغارة ابن خلدون التي كتب فيها مقدّمته الشهيرة، وحيث مسقط رأس المستشرق الفرنسي الشهير جاك بيرك. واختتم الملتقى بتوزيع جوائز إبن بطوطة، ونالها في الرحلة خليل النعيمي، وفي اليوميات فاروق يوسف، وفي الريبورتاج الصحافي ابراهيم المصري، وفي التحقيق المغربي محمد الصالحي.
وبمعزل عن وشوائب الدورة الأولى، فإن الحفاوة تليق بالأدباء العرب في المهجر، كما تحتاج الساحة الثقافية الجزائرية إلى إغناء واقعها بمختلف الروافد الثقافية العربية، خصوصاً تلك التي تعيش في بلدان غربية وديموقراطية وتنتج وعياً نقدياً. وإذا كانت كل النقاشات دارت حول تحديد الأدب المهجري وتفسيره، فإن الملتقى لم يتوصل الى استخلاص نظرة تأليفية محددة. عاد الأدباء من حيث أتوا، وكلّ يحمل مفهومه الخاص للمنفى أو الغربة أو الهجران والهجرة.