دائماً على سفر، موزعاً بين حضارتين وثقافات عدة. هكذا هو أمين معلوف، الأديب الذي اشتهر في فرنسا، قبل أن يعيد لبنان اكتشافه وتسترجع الضاد نصوصه ورواياته (أعماله صادرة بالعربية عن «دار الفارابي»).إنّه اللبناني التائه، على خطى بطله حسن الوزان، الملقّب بـ«الغرناطي»، والمشهور بـ«ليون الأفريقي». لو لم تندلع الحرب لما هاجر ربّما إلى فرنسا قبل ثلاثة عقود، ولما صار الكاتب الذي نعرف. الفرنسية كانت طريقه إلى التكريس. ومنها يطل اليوم على النقاشات الدائرة حول هذه المنطقة الملعونة من العالم. «الهويات القاتلة» عنوان أصغر كتبه، وأكثرها استقطاباً للإحالات والاستشهادات، إذ يتناول جرح الانتماء المتعدد الأصول والمناهل، في زمن العصبيات، في عالم يسعى إلى الاختزال والانغلاق.
قبل عامين توقف صاحب «صخرة طانيوس» (جائزة غونكور، ١٩٩٣) عند أبواب الأكاديمية الفرنسية العريقة، ودخلت بدلاً منه الجزائريّة آسيا جبّار. وقد وقّع أخيراً على بيان غاضب إلى جانب كتّاب عالميين باللغة الفرنسية، يرفضون تصنيفهم في خانة «الأدب الفرنكفوني» التي تلامس العنصريّة. في الربيع الماضي، أخرج الأميركي بيتر سيلرز أوبرا «أدريانا ماتر» (تأليف الفنلندية كايا سارياهو) التي كتب نصّها عن الحرب والغفران والمستقبل.
المستقبل؟ من بيت الصيادين الذي التجأ إليه في «إيل ديو» جزيرته على ضفاف الأطلسي، يتفرج أمين معلوف بأسى على ما يجري في بلده. «الذين يحبون لبنان، قدرهم أن يبقوا عاطفياً تحت رحمة ما يجري هناك»، قال لموقع إلكتروني. على مشارف الستين، يرصد تلك العلاقة الشائكة بين شرق وغرب، مواصلاً ما بدأه في كتابه الأوّل «الحروب الصليبيّة كما رآها العرب» (١٩٨٣)... ويحتفل في سرّه بمناسبة خاصة: «ليون الأفريقي» صار عمره عشرين عاماً.