القاهرة ــ محمد عبد الرحمن
مع اقتراب الموسم، يطلّ، ككل عام، شبح «الحصريّة» الذي يتحكّم عادة في السباق الرمضاني. لكن المعادلة ستتغير أخيراً: أجور الممثلين الخيالية، وضعف إيرادات الإعلانات،وانتشار الـ«سيتكوم» دفعت بالفضائيات إلى التخلّي عن منافسة «العرض الأول»

من يتابع خطط تسويق المسلسلات المصرية في رمضان 2007، سيلمس استراتيجية لم تتبع في السابق: معظم أعمال النجوم ستعرض تزامناً على فضائيات منتشرة، لم تكن ترضى قبل أشهر قليلة إلا بالحصرية. هكذا ستبث معظم الأعمال الدرامية الضخمة على جميع القنوات المعروفة تقريباً، انطلاقاً من إيمان هذه المحطات برغبة المشاهد في متابعة القناة التي تقدم أكبر عدد من المسلسلات، حتى لو عرضت على المحطات الأخرى. فيما يبقى رهان كل منها على الترويج لأعمالها والتوليفة التي استقرت عليها لجذب المشاهدين من دون دفع مبالغ باهظة لضمان وجود هذا النجم أو ذاك فقط على شاشتها.
مصير مجهول
تبدو محاربة الحصرية واضحة في سياسة توزيع بعض المسلسلات. ولعلّ المصير المجهول لمسلسل «يتربى في عزو» للنجم الرمضاني الأبرز يحيى الفخراني خير دليل على ذلك. إذ لم تنجح شركة «كنج توت» حتى اليوم في بيعه لأي محطة فضائية، عازية التأخير إلى عدم جهوزية أي شريط ترويجي يتضمن مشاهد متنوعة من المسلسل، على حد قول المنتج هشام شعبان لـ«الأخبار». وعلى رغم زيارة أكثر من قناة لموقع التصوير، لم يشتر أحد المسلسل. والسبب أن كلفة شراء عمل الفخراني في مقابل انخفاض الطلب على الإعلانات، بات مشروعاً خاسراً لهذه القنوات التي وجدت الحل، على ما يبدو، في برامج «السيت كوم». وتشهد هذه الأعمال الكوميدية طلباً متزايداً من أقسام التسويق في الفضائيات العربية، فالنجاح المتوسط للتجارب التي قدمت بخفر العام الماضي، فتح شهية الجميع على إنتاج «سيت ـــ كوم»، يحقّق جزءاً بسيطاً من نجاح «فراندز». واتضح أن الحلقات الكوميدية التي لا تزيد مدتها على عشر دقائق تفيد خريطة القناة كثيراً، إذ تعدّ فاصلاً مميزاً بين البرامج التي تتعدى مدة عرضها الساعة. كل ذلك دفع بالمنتجين إلى تأجيل مسلسلات النجوم من أجل التفرّغ لتصوير أعمال كوميدية شبابية، ترواح مدة كل حلقة بين 10 دقائق و30 دقيقة على الأكثر. ما يعني ميزانية أقلّ، وخصوصاً أنّ معظم المشاركين فيها هم من الوجوه الجديدة. أضف إلى ذلك أنّ المشاهد التصويرية تُنفَّذ في أماكن محدودة، إن لم تكن واحدة، ولا تتطلب السفر إلى الخارج أو التنقّل بين أكثر من منطقة.
وها هي مسلسلات مثل «تامر وشوقية» و«أحمد اتجوز منى»، تقدم أجزاءً ثانية، فيما اشترت حوالى ست فضائيات «جامعة بابا» منذ بداية تصويره. وهو ما أنقذ المنتجين إيهاب إسماعيل وشريف عبد العظيم من «ورطة» إنتاج مسلسل سهير رمزي «جرح عمري»، بعدما سارعا إلى التعاقد معها مقابل 3،5 ملايين جنيه (حوالى 63 ألف دولار)، ظنّاً منهما أنّ القنوات الفضائية ستتلقّف بلهفة عمل رمزي كما حدث العام الماضي. وعلى رغم أن رمزي بدأت شراء ملابس وإكسسوارات الشخصية، فقد فوجئت لاحقاً بأن قناة «الراي» الكويتية غير متحمسة لعرض المسلسل، بعد النجاح المحدود لـ«حبيب الروح» في الموسم الأخير.
تغييرات جذرية
وبعيداً من رمزي، تم تسويق مسلسلات النجوم إلى قنوات كانت متنافسة سابقاً: هناك «أولاد الليل» لجمال سليمان الذي يقدم على «أبو ظبي»، فيما يتم اليوم تسويقه لقنوات أخرى. كذلك بالنسبة إلى» الدالي» لنور الشريف الذي يعرض على «أبو ظبي» وLBC، وقد بدأت المفاوضات مع MBC لشرائه.
إضافة إلى ما سبق، تخلّت قنوات عديدة عن فكرة «المنتج المشارك» مع شركات مصرية لضمان العرض الحصري بسبب ارتفاع التكاليف. هكذا أنهت قناة «الراي» تعاونها مع شركة «عرب سكرين» من خلال مسلسل «أزهار» لفيفي عبده، ولم يجددا الاتفاق على أعمال أخرى. كما لم تدخل MBC في شراكة مع جهات إنتاجية ثانية كما فعلت العام الماضي مثلاً مع «العدل غروب» في «العندليب»، فأنتجت «الملك فاروق» بالتعاون مع دوائر الإنتاج التابعة لها.
وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن غياب «المنتج المشارك» أدى إلى تأخير تصوير مسلسلات أخرى. لذا، اضطر المنتجون المصريون للعودة مرة أخرى إلى أحضان جهات الإنتاج الحكومية الثلاث: قطاع الإنتاج، شركة «صوت القاهرة»، ومدينة الإنتاج الإعلامي. ولم يعد أمامهم سوى تحمّل عيوب هذه الجهات، من طبيعة العمل الحكومي الروتيني، إلى التأخّر في تسديد المستحقات وسوء التسويق. فيما تعدّ قناة «دبي» من الاستثناءات القليلة التي استمرت في سياسة «العرض الحصري»، وإن قللت من عدد المسلسلات التي تقدمها. إذ تعرض مثلاً مسلسلي «المصراوية» و«قضية رأي عام» في الموسم المقبل، فيما كان متوسط مشاركة الدراما المصرية، لا يقلّ عن أربعة أعمال عادة، في رمضان.