بيار أبي صعب
سعاد ماسي ترفض الغناء في إسرائيل، حسب جهات فرنسية وفلسطينية مشاركة في تنظيم جولتها العربية الراهنة. سعاد ماسي لن تذهب إلى تل أبيب. هذا أقل ما نتوقّعه من المغنية الجزائريّة التي ذاقت طعم العنف والقمع والحرب الأهليّة في بلادها، وحملت معها تراث الجزائر وأحلام شعبها وجراحه إلى باريس، لتشقّ طريقها بموهبة وجدارة في عالم الغناء، مازجةً بين الفولك والروك والشعبي والموسيقى العربيّة الأندلسيّة.
من مدينة الأنوار إذاً انطلقت ماسي إلى العالميّة... من العاصمة التي احتضنت الحالمين والفنانين والخوارج عبر شتّى محطات التاريخ المعاصر. وطبيعي أن تكون شبكة المراكز الثقافية الفرنسية، وراء الجولة التي تقوم بها حالياً في عدد من المدن العربيّة، مع القناة الفرنسية الخامسة، وبالاشتراك مع عدد من المؤسسات الثقافية المحليّة (من «مكتبة الإسكندريّة»، و«صندوق التنمية الثقافية» في مصر... إلى «مركز الكمنجاتي» في رام الله). هكذا غنّت في الإسكندريّة أول من أمس، وتغنّي في القاهرة غداً الخميس (قلعة صلاح الدين) في عيد الموسيقى، وصولاً إلى رام الله في 27 الجاري.
وكانت معلومات لم تتأكّد، تناقلتها مواقع الإنترنت، أفادت أنّ سعاد ماسي ستغني أيضاً في إسرائيل... ما أثار موجة استنكار عارمة، نقلناها في «الأخبار» على شكل تساؤل برسم الإجابة طرحه مراسلنا في القدس الشاعر نجوان درويش (عدد أوّل من أمس، الصفحة الأخيرة). فعلنا ذلك بعدما باءت بالفشل كل محاولات الوصول الى الفنّانة، أو أحد المخوّلين تمثيلها. وقد تلقّى الزميل محمد عبد الرحمن، مراسلنا في مصر للشؤون الفنية، إجابات لا تخلو من غرابة حين حاول التثبّت من الخبر: «لا نعلم وجهة ماسي بعد الإسكندريّة» (مسؤول في مكتبة الإسكندريّة)، أو «الفنانة حرّة في خياراتها، ونحن لا تهمّنا سوى محطتيْ الإسكندريّة والقاهرة» (مسؤولة في «المركز الثقافي الفرنسي»)، أو «ما الداعي الى كل هذا الغضب؟... أليس هناك معاهدة سلام بين بلدكم وإسرائيل؟» (مسؤولة عن التنسيق مع فرقة ماسي)... لدينا الأسماء لمن يهمّه الأمر.
«هل تغني ماسي في تل أبيب؟». «الأخبار» اكتفت بطرح السؤال. وطبعاً لم تتأخر الردود، الغاضبة أحياناً، العنيفة أحياناً أخرى... «غير صحيح» أكد ليوسف الشايب مديرُ «المركز الثقافي الفرنسي» في رام الله، السيّد جيل كرايمر الذي خصّ «الأخبار» برسالة إلكترونية متوتّرة (لم التوتّر يا دكتور؟) تشوبها فوقيّة بوست كولونياليّة مقلقة! «صحيح، ولكن»، كما يستشف من تصريح المديرة التنفيذيّة لـ«مركز الكمنجاتي» لزميلنا في رام الله. قالت سيلين داغر للشايب: «أخبرتنا ماسي أنّها لن تحيي تلك الحفلة في تل أبيب». إذاً المسألة ليست مجرّد «شائعات مغرضة عارية عن الصحّة»! الموضوع طرح فعلاً في وقت من الأوقات على الفنّانة التي رفضت بشكل قاطع، على ما يبدو. كل ذلك على ذمّة الراوي... لكن، ليتَ حبيبتنا سعاد ماسي تتكلّم. ليتها تنشر بياناً يسلّط الضوء على هذه القضيّة وملابساتها.
أما سؤال «الأخبار» فكان في مكانه، ولا شك في أنّه أزعج بعضهم، أو أربك آخرين... وساهم في تسليط الضوء على القضيّة وعلى موقف سعاد ماسي المفترض. لا بأس من ممارسة كل أشكال الضغط التي من شأنها أن تسهم في دعم المقاطعة الثقافيّة لإسرائيل، على كل المستويات الـعربيّة والعالميّة. عفواً بروفيسور!