باريس ــــ عثمان تزغارت
«مهرجان باريس السينمائي» يفرد مكان الصدارة في دورته الخامسة للسينما اللبنانية. وزير الثقافة اللبناني طارق متري أعلن الحدث من بيروت بكثير من الاعتزاز. وقبل باريس كانت السينما نفسها مكرّمة في مدينة ليل الفرنسيّة. هل يسعنا الحديث عن صناعة سينمائية في بلد (ثورة) الأرز؟


خمس سنوات مرّت على «مهرجان باريس السينمائي»، كانت كافية لكي تفرض هذه التظاهرة نفسها، وتعطي للعاصمة الفرنسية أن تحتل مكانتها العالمية على مستوى الفنّ السابع. وقد تضافرت جهود 33 مؤسسة ثقافية بارزة، بإشراف بلديّة باريس، وعمدتها بيرتران دولانويه، لتحويل المهرجان إلى عرس شعبي بكل المقاييس، تتوزّع عروضه وندواته على عشرين صالة من مختلف الأحياء، في مدينة الأنوار.
في برنامج الدورة الخامسة التي تقام بين 3 و14 تموز (يوليو) المقبل، ما لا يقلّ عن 300 فيلم من 27 دولة، بينها 13 فيلماً روائياً طويلاً في المسابقة الرسمية. واللافت في «مهرجان باريس السينمائي» الذي ترأس دورته الجديدة الممثلة شارلوت رامبلينغ، أنّه يراهن هذا الصيف بشكل شبه كامل على التجديد... إذ يدرج في مسابقته الرسمية، مثلاً، ثمانية أفلام هي الأعمال الأولى لمخرجيها، ماضياً بذلك على خطى «مهرجان كان» الذي احتضنت دورته الأخيرة، في شتّى الأقسام، 12 فيلماً هي أعمال أولى أو ثانية لمخرجيها. وكلّنا يعرف أنّ هذا الرهان الجريء حمل لنا مفاجأة سارة الربيع الماضي في كان، هي فوز الروماني كريستيان مونجيو بالسعفة الذهبية عن فيلمه «4 أشهر، 3 أسابيع ويومان».
مهرجان باريس أيضاً سيحتضن في مسابقته الرسمية العمل الأول لسينمائي روماني آخر هو أدريان سيتاريو، بعنوان «ملائكي». وتشارك الفرنسية كيم ماسييه بفيلمها «ملائكة الكاوبوي»، والصيني زانع لو بـ«حلم الصحراء»، والكرواتي أوغنيان سفيليسيتش بـ «أرمن»، والماليزية ياسمين أحمد بـ «محسن»، والبريطاني شين ميدووز بـ «هذه إنكلترا»، والمكسيكي روبان إيماز كاسترو بـ «عائلة برتغالية»، والأميركية ليندا هاتندورف بـ «قطط ميريكتاني».
والخبر الأهم ــــ على المستوى العربي ــــ هو اختيار لبنان ليكون ضيف شرف المهرجان، من خلال فعاليّة خاصة بعنوان «السينمات اللبنانية الجديدة»، تضمّ أربع تظاهرات بانورامية هي «الأفلام الروائية»، «الأفلام القصيرة»، «أفلام الكرتون» و«الأشرطة التوثيقية» وسيعرض خلالها 60 فيلماً تمثّل السينما اللبنانية بمختلف أشكالها التعبيرية وتوجّهاتها الفنية الراهنة.
«سكّر بنات» Caramel نادين لبكي الذي يفتتح المسابقة الرسمية، بعد أن تأجلت عروضه في لبنان بسبب الظروف الراهنة، يتناول عادات المجتمع اللبناني المحافظ، من خلال قصة أربع نساء يعملن في صالون للتجميل. وكان الفيلم قد عُرض في مهرجان كان الأخير ضمن تظاهرة «أسبوعي المخرجين». ويُخصّص المهرجان احتفاليتين تكريميتين للبنان: الأولى تحتفي بتجربة الثنائي جوانا حاجي ــــ توما وخليل جريج، والثانية تحيّة خاصة إلى دانيال عربيد.
كذلك ينظّم المهرجان ندوةً للتعريف بتجربة الثنائي حاجي ــــ توما وجريج يوم العاشر من تموز (يوليو)، وسيكون بعد ذلك عرض ثمانية أفلام من إخراجهما: «البيت الزهر»، Don’t Walk، «خيام»، «برمه»، «الفيلم المفقود»، «رماد»، «يوم آخر»، Open The Door Please.
أما البرنامج الخاص بدانيال عربيد، فيستعيد أعمالها السينمائية ــــ من وثائقية وروائية ــــ ويقدّم في حضورها شريطاً وثائقياً بعنوان «وحيدة مع الحرب». وتعرض في «مهرجان باريس» مختلف أعمالها الأخرى: «على الحدود»، «ردم»، «أحاديث الصالون» (1 ــ 3)، «نحنا»، «معارك حب» (فيلمها الروائي الأول)، و«رجل ضائع» (فيلمها الروائي الثاني الذي عُرض في مهرجان كان).
ويسلّط المهرجان الضوء على السينمائي الشاب وائل نور الدين ضمن إطار «في دائرة الضوء»، وهو قسم يعنى كل سنة باكتشاف تجربة سينمائية مميّزة، لكن غير مكرّسة. تعرض، في حضور المخرج، ثلاثة من أفلامه القصيرة: «عندنا في بيروت»، «من بيروت، مع الحب» و« July trip» المستوحى من حرب تموز الماضية، ويرصد بإيقاع عنيف صاخب، التأثيرات المباشرة للحرب على المدنيّين. ولفت المخرج اللبناني الأنظار خلال مهرجان «لوكارنو» ثم نال لاحقاً إحدى جوائز «مهرجان كليرمونفيران» الفرنسي في أواخر السنة الماضية.
وضمن البرنامج الخاص بتكريم «السينمات اللبنانية الجديدة»، سيُعرض في «البانوراما الروائية» 11 فيلماً هي: «يوم آخر» لجوانا حاجي ــ توما وخليل جريج، «البوسطة» لفيليب عرقتنجي، «سكّر بنات» لنادين لبكي، «طيارة من ورق» لرندا الشهال، «أطلال» لغسان سلهب، «دنيا» لجوسلين صعب، «فلافل» لميشال كمون، «لمّا حكيت مريم» لأسد فولادكار، «زوزو» لجوزيف فارس، Lila dit ça لزياد دويري، و Final Cut للمخرج المغترب في الولايات المتحدة عمر نعيم الذي نال إحدى جوائز مهرجان «دوفيل» السينمائي قبل عامين.
وستتضمن «بانوراما الأفلام القصيرة» 24 شريطاً، منها: «العلكة الحمراء» لأكرم زعتري، «بيروت» لجوزيف غصن، «عن الحرب» لنينار إسبر، «دائرة حول الشمس» لعلي شرّي، و«البطل ما بيموت» لوسام شرف. بينما تحتضن «بانوراما أفلام الكرتون» 8 أشرطة، منها: «ألف يوم ويوم» لجورج خوري، «أبيض على أسود» لسابين الشمّاع، «قهوه» لشادي عون، «جبل طارق» لغسان حلواني، و«الحفرة» لربيح جبيل.
أما نصيب الأعمال التوثيقية في هذه البانوراما، فيتمثل في 15 شريطاً تمت تزكيتها وانتقاؤها برعاية مجلة «كورييه أنترناسيونال»: «حدود الـ 67» لشين ديفي وطلال خوري، «برلين ــــ بيروت» لميرنا معكرون بيهنكه، «يوميات بيروت: حقائق وأكاذيب» لمي المصري، «سينما الحرب في لبنان» و«لبنان عبر السينما» لهادي زكّاك، «لبنان ــــ الحرب» لرانيا ستيفان، «الحكاية الصغيرة ليهود لبنان» لإيف توركييه، «دوّار شاتيلا» لماهر أبي سمرا، Slippage لعلي شرّي، «تحت سماء البلد المشرقة» لفرانسوا برينون، «أوقات ميتة» لسيرين فتّوح، «رحلة» للميا جريج.
وتعقد على هامش المهرجان ندوة عن السينما اللبنانية وآفاق التعاون مع دول ومؤسسات أجنبيّة لإنتاج مزيد من الأفلام اللبنانيّة. ونتمنّى طبعاً أن تبدأ الندوة بطرح سؤال محرج، يعيد النظر في ضخامة الضجة الاعلامية المرافقة للحدث: إلى أي مدى يمكننا الكلام على صناعة سينمائيّة في لبنان؟