رام الله ــــ يوسف الشايب
حاجز عسكري داخل مبنى مسرح عشتار يعرقل مسيرة الجمهور الآتي لمشاهدة مسرحية «تحت الردم» للفرقة الإسبانية «ترانس فورماس» ضمن مهرجان مسرح المضطهدين الذي يقام في رام الله. «تحت الردم» عرض إسباني يتناول حياة الفلسطينيين اليومية تحت نير الاحتلال وقد رصد تفاصيلها أعضاء فرقة «ترانس فورماس» من خلال 17 يوماً قضوها متنقّلين بين المدن الفلسطينية العام الماضي.
هكذا، عند مدخل الصالة التي تستضيف العرض، يستقبل الجمهور جندي يرتدي معطفاً رسمت عليه خارطة فلسطين الكاملة، وفي وسطها نجمة داود السداسية. هو ينفث دخان سيكارته لينشر الكثير من العنجهية التي اعتادها الفلسطينيون لدى مرورهم على الحواجز الإسرائيلية. فيما تقف مجنّدة تقسّم العابرين إلى «أصفر» و «أخضر» عبر ملصقات صغيرة تطبعها قسراً على ملابسهم. وتلك عادة درج عليها جنود الاحتلال في مطاراتهم ومعابرهم وحواجزهم.
في هذه الأجواء، استطاعت نوليا روبلس وزميلها توماس لوفات، التمهيد ببراعة لما هو قادم في «تحت الردم» التي تروي يوميات عائلة فلسطينية، بلسان إسباني تقتحمه الإنكليزية أحياناً، والكثير من الغناء والموسيقى الفلسطينية والشرقية. عمل يغوص عميقاً في التراث مجسداً معاناة الفلسطينيين بشكل مبتكر. وقد نجح الإسبان في الخروج بعرض فلسطيني صرف عبر الديكور والأزياء والموسيقى. فلم تقف اللغة حائلاً بين الجمهور والعرض، ولا سيما أنّ تقنيات الحركة والضوء أسهمت في إيصال الفكرة إلى جانب أداء الممثلين.
تقول روبلس: «بعدما قضينا شهوراً في فلسطين بدعوة من مؤسسة «شالشا» في برشلونة، تحيّرنا في كيفية مقاربتنا للتفاصيل اليومية الكثيرة التي تعكس معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال. إلا أننا حسمنا أمرنا في النهاية باتجاه جدار الفصل العنصري الذي يختصر حكايات طويلة من المعاناة، وخصوصاً أنّنا نقدم العرض بطريقة مسرح المنبر، وبالتالي كان لا بد من التركيز على جُزيء بعينه. ففي ظل هذا النوع من المسرح لا يمكن الحديث عن تفاصيل كثيرة».
وتشارك فرقة «ترانس فورماس» وهي إحدى الفرق القليلة التي تعمل في مجال مسرح المضطهدين في برشلونة في العديد من المهرجانات المخصصة لدعم الشعب الفلسطيني، لإيمانها بعدالة تلك القضية والإسهام في إلقاء الضوء على الممارسات اللا إنسانية والاضطهاد الواقع على الفلسطينيين بفعل الاحتلال. ومن المتوقع أن تُعرض المسرحية في لبنان وسوريا والأردن. كما ستُعرض في الولايات المتحدة بدعوة من الجالية الفلسطينية هناك.