باسم الحكيم
في السنوات الأخيرة يكاد حضوره يقتصر على المسلسلات السوريّة. لكن أحمد الزين يعود قريباً إلى بيروت... من باب المسرح! لقد قرر التعويض عن «السنوات الضائعة»، عبر اعادة تقديم عمله الشهير «الشهيد ابن البلد» الذي يحمل فيه على نظام الطائفية والفساد

عندما تسأل أحمد الزين عن الدراما، يتحدث عاتباً عن المسلسلات المحلية، فيما يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في الأعمال السورية. هو حاضر بقوّة في دمشق، وغائب تماماً عن بيروت. ويقول ساخراً: «آخر إطلالاتي في الدراما اللبنانيّة، كانت من خلال استضافتي في برنامج «ساعة وفا» مع ميشال الحوراني على «تلفزيون لبنان» قبل أشهر». لكنه لا يستغرب «عدم عرض أي نصّ درامي عليّ منذ سنوات، ولعل هذا من حسن حظي». لا يزعجه الأمر، لأن «80 في المئة مما أشاهده لا يعنيني كمتلقّ، وبالتالي سأعتذر تلقائياً عن المشاركة فيه». لكنه لا يخفي غصّة حزن، «لأني في النهاية لبناني، وهذه مهنتي».
يحنّ أحمد الزين إلى دراما أيّام زمان: «أبو ملحم»، «البؤساء»، «أبو المراجل» (يعيد «تلفزيون لبنان» عرضه منذ أول من أمس)، «علمتني الحياة»، «عازف الليل»، «السنوات الضائعة»، و«حكمت الحكمة»... وإلى برنامج محلي، «يحمل هوية لبنانية وينقل أوجاع مجتمعنا بتناقضاته وثقافاته، ويتناول التآمر بل التأمرك عليه»!
لكن غياب «ابن البلد» عن الدراما المحليّة، لا يعني ابتعاده عن عيون المشاهدين، إذ وجد ضالته في الدراما السوريّة التي يغازلها طيلة اللقاء. يستعيد عبارة يرددها في جميع مقابلاته: «لم أشعر يوماً بأنني نجم لبناني في سوريا». هناك، بدأ مشواره عام 1975 مع «قمر نيسان الحزين»، كتابة فارس يواكيم وإخراج هاني الروماني. ورصد العمل انعاكاسات الحرب الأهلية على اللبنانيين من خلال قصّة حب جمعت شاباً لبنانياً مسلماً من «المنطقة الغربيّة» وفتاة مسيحيّة من «المنطقة الشرقيّة». وشارك أيضاً في برنامجي «عفواً» و«سوا ربينا»، وترك فيهما بصمته. يؤكد: «لا أشعر بالغربة في سوريا. ولعلّ العكس هو الصحيح، إذ يحزنني أن أمشي غريباً في وطني». ويثني الزين على تجربة أنطوان غندور «الكاتب اللبناني الوحيد الذي أحببت حبّه لي»، ويصف شكري أنيس فاخوري بأنه أكبر من «امرأة من ضياع»، ويمعن في نقد الواقع الدرامي اللبناني الذي يكتفي بتصوير بيئة معيّنة.

رسائل الحب والحرب

يتحدّث بطل «نساء عاشقات» لبول شاوول وسمير نصري، بحماسة عن أدوار أنجزها ويرتقب عرضها في رمضان: أوّلها الكوميديا السياسيّة «رجل الانقلابات» مع أيمن زيدان. ويجسد الزين في العمل شخصيّة أحد بكوات خمسينيات القرن الماضي. لم تنجح كل الانقلابات التي شهدتها المنطقة آنذاك أن تغيّره، فيعيش في قصره مع ابنته، ولا يزوره سوى المعجبين بالفتاة الجميلة».
أما العمل الثاني فهو «رسائل الحب والحرب» عن نص لريم حنّا وإخراج باسل الخطيب: «أؤدي في المسلسل شخصية رئيس تحرير جريدة وطنيّة لبنانيّة تعمل بجهد لمحاربة العدو الإسرائيلي، ويستشهد أثناء الحرب اللبنانيّة». ويشير إلى أن «هذا التعاون الثاني مع باسل الخطيب الذي صنع للشخصية هويّة نضاليّة». ويرصد المسلسل التحوّلات في حياة مجموعة من الناس، على خلفية الأحداث السياسية التي عاشها لبنان من الاجتياح الإسرائيلي في عام 1982 إلى العدوان الأخير.
ويؤكد الزين: «لم أمثّل إلاّ الشخصيّة اللبنانيّة، ولم أتحدث يوماً إلاّ بلهجتي سواء في مصر أم في سوريا». وفيما يدعو المخرجين والكتاب إلى «استغلال المخزون الذي لم أخرجه بعد»، يعرب عن سعادته بالمشاركة في السهرة التلفزيونيّة «الليلة الأخيرة» من سلسلة «يوم الخميس الساعة التاسعة»، ويصف الدور بـ«الأصعب في حياتي المهنية». وينتظر أيضاً إشارة المخرج الليث حجّو للمباشرة بتصوير الجزء الثاني من «أهل الغرام» الذي يشارك في كتابته سوريون ومصريون ولبنانيون، كاشفاً أن رفيق نصر الله سيكون بين هؤلاء. ويستعدّ أيضاً لتصوير «بقعة ضوء» في جزئه الجديد، في انتظار عرض «الملاك الثائر» الذي يتناول سيرة جبران خليل جبران. وهنا، يثني على أداء شادي حداد ورفعت طربية «اللذين جسّدا شخصيّة جبران في مرحلتين عمريتين مختلفتين». ويفاخر بدوره في مسلسل «علماء المسلمين» إلى جانب مجدي مشموشي ومحمود سعيد. في المقابل، يدافع عن مشاركته في أعمال لم يكن مقتنعاً بها. هكذا مثلاً قدّم في «المتنبي» شخصيّة وزير يعمل عند كافور، على رغم عدم رضاه عن المسلسل نصاً وإخراجاً. ويقول: «عندي التزامات ماديّة. والأجر الذي تقاضيته أمّن إيجار بيتي لمدة عام. لا بدّ من السقوط أحياناً، لكن الجمهور يعذرك في النهاية».

عودة الشهيد

ولأن المسرح يمثّل نقطة ضعفه، قرّر «ابن البلد» أن يبعث الحياة في مسرحيّته القديمة «الشهيد ابن البلد». ويشير إلى أن النسخة الجديدة التي كتبها رفيق نصر الله، ويخرجها ويشارك فيها ممثلاً حسام الصبّاح، ستتحدث عن «واقعنا وعن التخبط والرياء اللذين نعيشهما منذ استشهاد الرئيس الحريري».
لكن لماذا يعيد كتابة مسرحيّة سابقة في وقت تأجّل فيه عرض «مناضل سابق»؟ يجيب: «لأن عليّ أن أقتل زوجتي مذاهب مجدداً. قتلتها في عام 1985، وفوجئت بأنها شرّفت إلى لبنان من جديد، ورأيتها تتبختر في العراق، وعينها على سوريا وإيران، فقررت قتلها مجدداً... حتى لو خرجت من قبرها مئة مرّة، سأقتلها». ويشارك في المسرحية مجدي مشموشي، سوزان تلحوق، لارا الخوري، علا حيدر وغيرهم. ويختم المقابلة بالقول: «أنا أحمد الزين، كتبوا لي «شيعي» على هويتي، وتزوجت سنيّة. لديّ ثلاثّة شبان وصبيّة، تزوج اثنان منهم من الطائفة السنيّة والثالث تزوج مسيحيّة، وتزوجت ابنتي سنياً، وأعيش مع الدروز منذ 28 عاماً. لذا لا أحد يجرؤ على إدخال «مذاهب» إلى بيتي».