بيار أبي صعب
ما زلنا نذكر كيف حلم إميل حبيبي بإصدار مجلّة ثقافيّة عربيّة من الأراضي المحتلّة عام 48، والرهانات الكثيرة (والتساؤلات الكثيرة) التي رافقت ولادة «مشارف».
إميل حبيبي الكاتب الساخر والأب الروحي للأدب الفلسطيني الحديث، والمثقف الإشكالي الذي أزعج الكثيرين، بمخالفته الإجماع، وتجرؤه على المحظورات، وتبنيه مقولات ومواقف لا تزال موضع نقاش، بعد عقد على رحيله. وإميل حبيبي المناضل الذي طلّق السياسة آخر أيامه باحثاً عن العزاء الحقيقي في الأدب... هذا الرجل المتعدّد الوجوه الذي طلب أن يكتب على شاهدة قبره «باق في حيفا»، ترك في حيفا نفسها، مجلة ثقافية عربية، تكافح من أجل البقاء، وسط حصار ثقافي ومادي خانق.
بعد انطفاء «المتشائل»، واصلت مساعدته سهام داوود المغامرة. بقيت «مشارف» تطل علينا برهانها الخاص: مجلة الثقافة العربية للداخل الفلسطيني، ومجلة الثقافة الفلسطينيّة في الداخل لقراء الضاد. وطبعاً بقينا ننتظر أن يتجدد هذا المنبر قلباً وقالباً، لغوياً وبصرياً، وينمو ليعكس حساسية الأجيال التي جاءت بعد حبيبي تواصل بأشكال أخرى الكفاح من أجل الوجود. لكن مجرد صدورها كان كافياً. وعندما غابت أشهراً، تساءل كثيرون بقلق: هل انقطعت إلى الأبد؟
كلا، إن «مشارف» لم ترم السلاح، تطمئننا سهام داوود في افتتاحيّة العدد الجديد (العدد 30 ـــ ربيع 2007). لقد سكتت طوال الأشهر التي تلت عدوان تموز، باحثة عن جدوى الكلمات... وها هي الفصلية الفلسطينية تعود، بملفّ خاص عن السيرة الذاتية. بين المواد نقرأ نصوصاً لأنطون شماس، وإحسان عبّاس، وفوزي كريم، وطارق الطيّب، وعبد الكريم كاصد... ونكتشف الشاعر الإسرائيلي حاييم غوري (تقديم سلمان مصالحة). ويحاور طه عدنان مارسيل خليفة. هذه هي معادلة «مشارف»، معادلة إميل حبيبي
[email protected]