strong>صباح أيوب
حتى ساعة متأخرة من ليل أمس تواصلت التغطية الإخبارية المباشرة لأحداث الاشتباكات التي وقعت بين الجيش اللبناني وعناصر حركة «فتح الإسلام» في شمال لبنان. هذه الحركة التي حاول الإعلام اللبناني في الأشهر الأخيرة إعداد تحقيقات تعرّف بها، منذ حادثة تفجير الباصين في منطقة عين علق في 13 شباط (فبراير) الماضي، توّلت هي بشكل عملي تقديم صورتها الحقيقية إلى الجمهور اللبناني والعربي... ومباشرةً على الهواء.
فقد استفاق اللبنانيون أمس على خبر استشهاد أربعة عناصر من الجيش اللبناني في حدث أمني كبير ومفاجئ حاولت المحطات التلفزيونية «احتواءه» عبر إرسال «جنودها» المسلّحين بكاميرات وخُوذ ودروع إلى «الميدان». ونقلت إلى المشاهدين تفاصيل مطاردات الجيش لعناصر الحركة، من مداخل مخيّم نهر «البارد» ومن قلب شوارع مدينة طرابلس. وعلى رغم الأحداث الأمنية المتكررة التي يعيشها لبنان منذ عامين، لم يستطيع الإعلاميون اللبنانيون تخطي حاجز «المفاجأة» بعد. إذ عاش الإعلام المحلي والعربي بلبلة لا تقلّ عن تلك التي عاشها اللبنانيون، ولا سيما أهالي المناطق التي شهدت المواجهات، فكان الارتباك سيد الموقف. ونظراً للتوتر السائد بسبب شراسة المواجهة، إضافة الى عدم معرفة المراسلين لمناطق الشمال وتفاصيلها الجغرافية، تميّزت التغطية بتوتر ملحوظ. وهو ما ظهر واضحاً من خلال الخلط بين «جند الشام» و«فتح الإسلام» مثلاً، أو في ذكر أسماء المناطق التي يبثّون منها (الزهيري بدل الزاهرية)، إضافة الى تقديم أخبار، سرعان ما يتم نفيها (إصابة أحد الصحافيين في اشتباكات طرابلس).
ومع ذلك، استطاع الإعلام اللبناني أمس أن يقدّم صورة عمّا يجري، وإن كانت مشوشّة بعض الشيء. وقد سجّلت التغطية الأكبر لـ«المؤسسة اللبنانية للإرسال» و«تلفزيون الجديد» اللذين واكبا منذ الصباح التطوّرات الأمنية من منطقة الحدث. وكانت الصُور الحيّة أكثر من كافية، إذ التقطت بعض العدسات ما لم يكن من المفيد بثّه. وهو ما دفع بالعناصر الأمنية الى «مطاردة» الكاميرات ومنعها من تصوير بعض المواقع أو طلب عدم البثّ المباشر. لكنّ ذلك لم يقف عائقاً أمام بعض المراسلين الذين أعطوا معلومات عن طبيعة تحرّك القوى الأمنية، ومكان وجودها، وعمّا تنوي القيام به (!).
وإذا كان لافتاً تحلّي معظم المراسلين الميدانيين بحسّ المسؤولية في نقل الخبر، فقد مارست بعض المحطات لعبتها الاعتيادية من خلال استضافة بعض السياسيين المسوؤلين الذين، كعادتهم، لم يتنبّهوا لحساسية الموقف. هؤلاء أغرقوا المشاهدين بتحليلات ورسائل شخصية، كان الجميع بغنى عنها في هذه اللحظات، كالكلام مثلاً عن «دور سوريا ومسؤوليتها» عن هذه الأحداث تزامناً مع تفاعل القرار بشأن المحكمة الدولية في مجلس الأمن، أو انتقاد الحكومة والتقصير في مهماتها. أما نوّاب عكار فلم تكن مداخلاتهم الهاتفية سوى «بطاقات تعزية» وشجب واستنكار.
الفضائيات حضرت أيضاً إلى ساحة المعركة، فحاولت «الجزيرة» إثبات وجودها وإيصال المشهد مع بعض التوضيحات للجمهور العربي. كما نقلت تصريح لأحد مسؤولي الحركة الذي تحدث عن «موقفها» وأهداف تحرّكها، مع العلم أنّ نشرات الأخبار المحليّة عادت وبثّت تحقيقات عن حركة «فتح الإسلام» لوضع المشاهد في الإطار الكامل للأحداث.