لم يحظ جان ـــ فرانسوا بواييه وألان غريش بفرصة مقابلة رئيس تحرير “الأخبار” جوزف سماحة كما كانا يخططان، فقد سبقهما الموت إليه. يتحدث بواييه عن عدد من الاتصالات والرسائل الالكترونية التي تبادلها مع سماحة. ويقول: “طلبت مساعدته في تحديد أسماء من سأقابلهم، واقترح عليّ عدداً من الاسماء، بينهم مستشار الرئيس فؤاد السنيورة الدكتور رضوان السيّد... تحدثنا عن الوضع السياسي، وكيف سيكون عندما أصل إلى لبنان. واتفقنا على مقابلة نجريها معه”. ثم يستطرد بصوت حزين: “اشترط عليّ أمراً واحداً، أن تكون المقابلة معه باللغة العربية، على رغم أنه يتقن الفرنسية”. لكنّ جان ـــ فرانسوا وألان، صديق جوزف، وصلا متأخرين، فلم يلحقا إلا... الجنازة! جوزف سماحة الذي يصادف اليوم مرور أربعين يوماً على رحيله، سيكون موجوداً في الفيلم، من خلال مراسم دفنه: “استطعنا أن نلتقط خلال دفنه صوراً مؤثرة جداً، يمكنها أن تضفي على الفيلم قيمةً من نوع آخر. فقد اجتمع في فضاء واحد، هو فضاء الكنيسة، لبنانيون من مختلف الانتماءات والتيارات، وحصلنا على لقطة مؤثرة لقادة من “حزب الله” يبكونه، هذا سيكون عامل قوة في الفيلم”.
جريدة “الأخبار” تمثّل ربما نقطة انطلاق الفيلم، وركيزة أساسية يتكئ عليها هذا العمل الوثائقي. يقول بواييه: “سمحت لنا “الأخبار” أن نرى لبنانيين من انتماءات مختلفة، يعملون معاً، ويتشاركون الاعتقاد بأن “حزب الله” هو حركة مقاومة فاعلة، وحزب سياسي له دوره في الحياة السياسية اللبنانية”.
من خلال هذه اللقاءات في أروقة الجريدة، اكتشف جان فرانسوا بواييه، المتسائل الدائم عن مستقبل لبنان، إمكان وجود توافق بين شرائح لبنانيّة مختلفة، على أساس مشروع سياسي أو وطني، لا علاقة له بالجرثومة الطائفيّة... أليس هذا الحجر الأساس في مشروع “الأخبار” التي وضع فيها جوزف كل آماله وأحلامه وأخلاقه السياسيّة؟ إنّها تركة جوزف سماحة!