ربيع مطر
خلال الأيام القليلة الماضية، وفي برنامجين مختلفين لاكتشاف المواهب الغنائية، أطلّت صباح ووديع الصافي. شاركت الصبّوحة ليلة الجمعة في برنامج «نجوم الخليج» الذي يقدّم من حديقة زعبيل في دبي، ويبث على قنوات «نجوم» المملوكة لسهيل العبدول، فيما أطلّ الصافي، أول من أمس، من استديو «بيروت هول» ضمن أمسيات برنامج «سوبر ستار 4» على «المستقبل».
كلّ من الفنانين اللبنانيين يغني منذ أكثر من ستين عاماً، وكلاهما يعدّ من عمالقة الطرب في العالم العربي. لذا، كان حضورهما في برامج اكتشاف النجوم، مؤثراً وفاعلاً، وخصوصاً أنهما يقدمان نموذجين، يحتذى بهماهما لم يستسلما يوماً لنمط الحياة الفنية المتعارف عليه، أو يقفا مكتوفي الأيدي متأثرين بغدر السنين. إنه الذكاء الفني الذي يصل إليه المطرب بعد سنوات من العيش تحت الأضواء، ما يجعله قادراً على الاحتفاظ بأكبر قدر من التوهج مهما أفسد الدهر من صورة الماضي وأمجاده. كم هو عدد النجوم القادرين اليوم على استقطاب المشاهدين؟ ومن يستطيع من مغنّي الساحة أن يبقى، بعد عقود من العطاء، متمكناً من منافسة الأصوات الشابة الزاحفة إلى الشاشة؟
هذا ما فعلته صباح ووديع الصافي أخيراً، على رغم أنه كان صعباً بالنسبة إليهما الخروج من امتحان الغناء مباشرة على المسرح، من دون خسائر، وإن تفوق صاحب «رح حلّفك بالغصن يا عصفور» على الشحرورة.
في بيروت، وقف المطرب الثمانيني بوجهه البشوش على مسرح «سوبر ستار» إلى جانب مشتركي البرنامج... جاملهم بكلامه المعسول ومدح أصواتهم ومنحهم نصائح بسيطة. كما غنى مرتين من أرشيفه: «عندك بحرية يا ريس» و«بالساحة تلاقينا». لم يزل الصافي محافظاً على جمال صوته، على رغم تقدم العمر وبعض الهفوات التي لا تذكر. غنّى في شكل حيّ، مثبتاً أن الصوت وحده لا يكفي، بل إن الاستمرارية تتطلب ذكاء حاداً وأداءً يتناسب مع تقدم العمر. أما في دبي، فقد أثارت إطلالة صباح في «نجوم الخليج» جملة من الأسئلة، وخصوصاً أنّ البرنامج مخصص للموهبة الخليجية فقط، ولم يسبق أن استضاف في دوراته السابقة أحداً من خارج العباءة الخليجية. لم توجّه المطربة اللبنانية أي نصيحة للمتسابقين ولم تعط رأيها بهم. وعلى رغم وجود فرقة موسيقية تصاحب البرنامج، قدمت ثلاث أغنيات على طريقة “البلاي باك”، هي: “أعلنت الحب عليك”، “عدّى عليّا وسلم”، و“يا علي”، فيما غنّت مباشرة موالاً، على رغم إصابتها بنزلة برد كما قالت في الحلقة. فخرج صوتها متعباً، لإصرارها على غناء الطبقات العالية...
ربما كان الأمر ليبدو مقبولاً لو اختارت الشحرورة من أعمالها الفنية الأخيرة، كي يبقى صوتها واحداً في الأغنيات الثلاث. إذ جاء صوتها في “ألاقي زيّك فين يا علي” التي غنّتها في خمسينيات القرن الماضي، مختلفاً عن صوتها في الأعمال الأخرى. ولعلّ المسؤولية لا تقع على عاتق صباح وحدها، لأن مقدم البرنامج الفنان الإماراتي عبد الله بالخير، هو من اختار هذه الأغنيات. لم يتوقف بالخير طوال الحلقة عن التغزّل بأناقة صباح وأكسسواراتها ولون فستانها الأخضر. كما دلّع نفسه باسم عبّود طالما هي الصبوحة، قبل أن يمنحها في نهاية الحلقة هدية تذكارية تكريماً لمشوارها.
لا شكّ أن صباح تستحق كل هذه الحفاوة، لكن إطلالتها في برنامج مباشر ولساعات طويلة، كانت تتطلب مجهوداً أكبر في الإعداد. كما كان عليها معرفة تفاصيل الحلقة قبل اعتلاء خشبة المسرح. إنه الذكاء الفني أيضاً الذي يخذل صاحبه أحياناً.