تنشط كتلة جمعية «الأصالة» الإسلامية النيابية، للمطالبة بتأليف لجنة تحقيق برلمانية، تهدف إلى مساءلة وزير الإعلام البحريني محمد عبد الغفور، عما اعتبرته «ممارسات لا أخلاقية تتصادم مع الدين، ولا سيما الرقصات التي تضمنها عرض مجنون ليلى». ولم تكتف الجمعية بتوجيه النقد للعرض الراقص، بل تجاوزته إلى النص الشعري المغنى للشاعر البحريني قاسم حداد، معتبرةً أنّه حوى «مصادمة صريحة للثوابت التي نصّت عليها الشريعة».المواجهة المرتقبة برلمانياً مع وزير الإعلام البحريني محمد عبد الغفور، هل تطيح وزيراً اعتُبر حليفاً للإسلاميين، وخصوصاً تيار الإخوان المسلمين، ما قد يؤدي إلى تصدّع هذا التحالف؟ وماذا عن الشاعر قاسم حداد الذي قد يتعرّض لتهمةُ المساس بالمقدسات!
إلا أنّ انتقاد النواب الإسلاميين لا يقتصر على عرض «مجنون ليلى»، بل بلغ حدّ مساءلة عروض أخرى، عبر متابعة ما يقدم، وتسجيل الملاحظات. ويتوقع أن يشمل السؤال الموازنة المالية المخصّصة للمهرجان، إذ إن الإسلاميين سيتخذون منها ذريعة لتوسيع دائرة النقد الموجّه إلى هذا المهرجان.
هذه الملاحقة لكل ما هو ثقافي، تذكّرك بسلوك قمعي، دأب بعض المتشددين في العالم العربي على ممارسته بكل ما أوتوا من قوة. من فلسطين حيث حوصر كتاب «خير يا طير»، والمغرب حيث مُنعت مجلة «نيشان» الفكاهية من الصدور وصولاً إلى السعودية، حيث نشط كثيرون خلال معرض الرياض الدولي للكتاب، لمنع مجموعة من الإصدارات المعروضة، وراحوا يؤجّجون الوضع ويحقنونه إعلامياً، مستغيثين لوقف ما اعتبروه تجاوزات من وزير الإعلام السعودي إياد مدني. غير أن الوزير المدعوم رسمياً لم يصغِ للمتذمّرين، واستمرّ المعرض ليشكّل أحد أنجح المعارض التي نظمت في تاريخ المملكة.
هذا لا يعني توقّف الحصار الثقافي الذي يشتد بطشاً في مجتمعات يخيّم عليها البؤس والكبت والأصولية. أما الحقوق الفكرية والإنسانية التي تُنتهك باسم الدفاع عن الدين، فطويلة جداً... و«ربيع الثقافة» البحريني لم يكن أول الضحايا، فهل يكون آخرها؟...