رداً على مقالة حسين بن حمزة «أنطولوجيا صباح زوين: هل أنصفت الشعر اللبناني؟» («الأخبار»، 6 نيسان)، كتبت الشاعرة صاحبة الكتاب توضيحاً ننشر هنا أبرز مقتطفاته
نقرأ في مقالة «الأخبار»، أن «صاحب الأنطولوجــــــــيا يعامل كمن اقترف جريمة، فكيف إذا أسقط بعض الأسماء عن سابق تصوّر وتصميم؟». وأنا بالتأكيد أسقطت بعض الأسماء عن سابق تصوّر وتصميم. كل أنطولوجيا هي ثمرة اختيارات محددة. وهناك أسماء أخرى، غابت عني سهواً، وهذا الأمر يحصل أيضاً. ويمضي صاحب المقالة: «لكن هيهات أن يصدّق المغيّبون أنهم غُيّبوا لسبب شعري، لا لسبب شخصي»! فكأننا بصديقنا لا يكتفي بمحاسبتي «على النوايا»، بل يسعى إلى تحريض الشعراء المنسيين عليّ، إذ يوحي لهم أنّي أغفلتهم لأسباب شعرية، أو شخصية. وها أنا أسأل بدوري الزميل بن حمزة: كيف تلومني على إسقاط اسم معيّن، فيما أنّك كتبت بنفسك، قبل ثلاث سنوات، أن صاحب ذلك الاسم لا علاقة له بالشعر؟
أنا من اعترف لحسين، عشيّة كتابة مقالته، أنّي نسيت كلاً من الياس لحود، وأمثل إسماعيل، وحسين الجسر، وزينب الصناوي، وباسمة بطولي، وشبيب الأمين، وعلي نصّار وفادي أبي خليل. وقلت له إني لم أستطع أن أجد كتب هناء الأمين خاتون التي أهديتها الكتاب، ولا كتب فوزي يمّين مع أنني معجبة بكتابته. ونقرأ في المقالة أن الترتيب الأبجدي للأسماء، «خلط الأجيال والاتجاهات والأصوات والنبرات بشكل مثير». الإثارة أمر جيد! أما الخلط، فطبيعي، ولانتفى الشعر لو أن الأصوات متشابهة. لم أخلط شيئاً، وقد تناولت في المقدمة كل ما يتعلق بالأجيال والاتجاهات. وما جدوى ورود شاعر تفعيلة في أنطولوجيا تدافع عن الاتجاه المعاكس؟
ثم كيف اعتبر بن حمزة أن «صباح زوين تتوجّه الى القارئ الجزائري أولاً»؟ هل كتبتُ الأنطولوجيا باللغة الأمازيغية؟ لم أكتبها إلا باللغة العربية. لم أتناول شعراء جزائريين. أما القول بأن اختيار «نصوص بعض الشعراء لا يمثل تجاربهم بالشكل الأمثل»، فأنا لا أعتقد أن أي شاعر ينشر في ديوانه ما لا يمثّله. وأخيراً، ألم يكن في إمكان حسين بن حمزة أن يجد ولو حسنة واحدة، أو نصف حسنة، في هذا العمل، على الرغم من اختلاف ذائقتينا؟



لو أن الزميل حسين بن حمزة لم يجد في «أنطولوجيا» زوين أية حسنة، لما كلّف نفسه عناء كتابة مقالة كاملة عنها، ولما أفردنا حيّزاً أساسياً للتعريف بالتجربة. وليت الشاعرة أشارت في ردّها إلى «الاسم» الذي نفى عنه زميلنا صفة الشعريّة قبل 3 سنوات، وجاء اليوم يحتجّ على استبعاده المتعمّد من أنطولوجياها. فلو فعلت، لأمكنه توضيح المسألة ربّما. أما ملاحظة ضياع «التراتبيّة» بسبب اختيار الترتيب الأبجدي للأسماء، فأوردها حسين بصفتها نقطة إيجابيّة، تدعو إلى قراءة جديدة، متحررة من الأفكار والاعتبارات المسبقة. فما الذي أغضب زوين بالظبط؟ ومن البديهي أن نشر أنطولوجيا للشعر اللبناني، ضمن سلسلة تصدر وتوزّع في الجزائر، في إطار مناسبة ثقافيّة محددة، هدفه الأول تعريف القارئ المحلّي بهذا الشعر. ليس في الأمر أي انتقاص من قيمة الجهد، بل بالعكس. لكن ليت الشاعرة ــــ التي ذكرت في ردّها أنها «كتبت» الأنطولوجيا، فيما هي أعدتها! ــــ ليتها حدّدت على الغلاف أنّ الأنطولوجيا خاصة بقصيدة النثر اللبنانية، ما دامت قررت استبعاد الاتجاهات الشعريّة الأخرى. وهذا التحديد أيضاً لم يكن فيه أي عيب! وتكراراً مقالتنا عن الأنطولوجيا، كان هدفها توجيه تحيّة ــــ ولو نقديّة ــــ إلى التجربة وصاحبتها. ولعلّ زوين تعرف أن النقد شكل من أشكال التكريم... فليت صدرها اتسع لتلك الملاحظات العابرة.
التحرير