مهى زراقط
اختتم جورج صليبي أول من أمس، على NTV، «سلسلة» البرامج الخاصة التي تُعرض، منذ 13 نيسان، على مختلف الأقنية في مناسبة ذكرى الحرب الأهلية. قدّم صليبي، من نقابة الصحافة، حلقة خاصة من برنامجه «الأسبوع في ساعة» استضافت عشرة شباب ينتمون إلى أحزاب وجمعيات لبنانية مختلفة، إضافة إلى الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة، والمسؤول القواتي السابق فؤاد أبي ناضر، ومدير تحرير «نهار الشباب» غسان حجار.
حاول صليبي أن تكون صيغة برنامجه مختلفة عمّا قدّمته المؤسسات الأخرى. لم يكتفِ باستقبال مقاتلين سابقين قدّموا خلاصة تجربتهم كما فعلت «المنار» أو NBN في برنامجين صباحيين، ولا ترك الهواء مفتوحاً لاستقبال اتصالات المشاهدين كما فعل مارسيل غانم في «كلام الناس» على LBC. بل دمج كل هذه العناصر في حلقته التي أرادها مختلفة: استقبل الشباب وتركهم يتحدثون، عرض تجارب مقاتلين سابقين، وأسمع الشباب والمشاهدين نصائح تحذّرهم من العودة إلى الحربهذا ما كانت عليه بنية الحلقة أول من أمس. وهي بنية سليمة لبرنامج نفترض أن هدفه التوعية على معنى العودة إلى الحرب، كما كان هدف الحلقة الأخيرة من «كلام الناس». لكن لو نظرنا عن كثب إلى التفاصيل التي قام عليها كل من البرنامجين، لاكتشفنا مجدّداً طغيان هاجس البحث عن الإثارة على كل ما عداه. وهذا الهاجس بدا حاضراً في حلقة أول من أمس التي حملت عنوان «شباب 07»، بدءاً من طريقة توزيع الضيوف على البلاتوه، وقد جاءت مثيرة للاستفزاز.
جلس شابان من حزبين متحالفين متلاصقين يفصل بينهما وبين شابين من حزبين «خصمين» شاب وسطي. هكذا اصطفّ الشباب العشرة متباعدين بحيث يتاح لهم الشجار و«إيصال الميكرو» لكلّ من يرغب في الرد... ومن لا يرغب. ظافر حسن (اشتراكي) لم يستفزّه مثلاً اتهام شادي (مردة) لوليد جنبلاط بأنه يريد العودة إلى الحرب، فتناول الميكرو للحديث في مسألة أخرى. فما كان من صليبي إلا أن طالبه بالردّ على شادي أولاً... على أن يقول ما يريد بعد ذلك. لم يمتثل صديقنا، فكرّر صليبي طلبه أكثر من مرة: «ردّ عليه بالأول... شو؟ ردّ على شادي...».
وحين طلب بشير (كتائب) من حسن (أمل) وسمير (مستقبل) أن يهدآ، بدا صليبي غير راض عن تلك «الدعوة إلى التهدئة»، فسارع إلى التذكير بقواعد اللعبة: «مسؤوليتي أنا قلّن هيك، إلا إذا بتحب تقعد مطرحي»... من هنا بدا مفهوماً أن يكون إيلي معوّض (حلّوها)، ومحمد بالوظة (فرح العطاء)، أقلّ من أتيحت له فرصة الكلام، بل ان إيلي لاحظ أصلاً أن الخط الثالث الوسطي الذي يمثله مع زميله، هو الذي «سيرفع عليه السلاح إذا اندلعت الحرب».
تكشف البرامج التي أُعدّت في ذكرى الحرب الاستسهال الذي بات يغرق فيه الإعلاميون. وفي النهاية لم يقدّموا شيئاً مختلفاً عما يدور في حلقات «الشجار» السياسي التي اعتادوها... ولم يقولوا لنا ما لا نعرفه عن الشرخ السياسي والطائفي الذي يفتك بلبنان...
في ذكرى الحرب كان يمكننا أن نطمع ببرنامج مسؤول، بعيد عن الإثارة التي لا تصنع، أقلّه، إعلامياً متميّزاً... ولا تنقذ وطناً من الانزلاق إلى الهاوية.