«عشت حياتي كلّها أحسّ بالألم حتى وأنا في ذروة الفرح»... وحده من عرف ليلى عسيران عن قرب يمكنه أن يفهم معنى هذه الجملة التي تختصر شخصيتها. هي الإنسانة الشفافة التي جعلت من معاناة الناس همّاً شخصياً لها في كلّ رواياتها. لذلك استغربتُ وأنا أقرأ إهداءها الذي سطّرته لي على روايتها «طائر من القمر» بعد زيارة تعارف نهاية عام 1996: «زيارتك لي أعطتني كثيراً، فأشكرك. آملة أن يستمرّ اللقاء بيننا لربما استطعت أن أدلّك على الطريق المؤدي إلى الفرح». كيف ستدلّني إلى الفرح إنسانة اختلطت أحزانها بأحزان الناس حتى ما عادت تميّز حياتها من حياتهم؟ لكنها كانت تحاول أن تفعل ذلك بسلسلة نصائح كانت تتكرر في اللقاءات القليلة التي حظيت بها معها. كأن تقول لي بحب كبير عندما أنتهي من سرد قصة ما: «يا مهى... لا تحزني على الناس أكثر مما يحزنون على أنفسهم». وفي محاولة لإقناعي تروح تحدّثني عما قامت به في حياتها من منطلق نقدي، من دون أن تبدي ندماً على شيء... لأنها آمنت بكلّ ما قامت به. «لكني كنت مثلك لا أستمع للنصائح ولم أكترث عندما ذكّرني زوجي مراراً بأن الناس ليسوا كلّهم ملائكة».
أما «الحكمة» التي لم أستطع يوماً نسيانها فقد سمعتها لدى زيارتي الأولى: «يا صديقتي الصغيرة، اتركي منك شيئاً لنفسك كي تستمري». وأتساءل اليوم، تراها كانت تقول هذه النصيحة لي أم لنفسها؟

مهى زراقط