لم تلتفت الدراسات النقدية العربية إلى ظاهرة العنونة بوصفها مفتاحاً للنص إلا منذ سنوات قليلة، وخصوصاً بعد انتشار الدراسات السيميائية المترجمة وشيوع النقد البنيوي والتفكيكي للنص. ويأتي في مقدمة الأبحاث العربية في هذا السياق كتاب الناقد المصري محمد عويس «العنوان في الأدب العربي: النشأة والتطور» (1988)، ومحمد فكري الجزار في كتابه «العنوان وسيموطيقيا الاتصال الأدبي» (1998). أما الباحث المغربي عبد الفتاح الحجمري فقد توغل في كتابه «عتبات النص: البنية والدلالة» (1996) إلى مجموعة من الموازيات النصية مثل العنوان والإهداء والاستهلال والمقدمة، باتكاء صريح على منجز الفرنسي جيرار جينيت في كتابه «عتبات». وكان لكتاب بسام قطوس «سيمياء العنوان» (2001)، تأثير واضح في تأصيل هذا النوع من الدراسات، إذ يمنح العنونة الشعرية والسردية موقعاً أثيراً في القراءة النقدية، إلى جانب الدراسة القيِّمة التي أنجزها الباحث المغربي جميل حمداوي بعنوان «السيميوطيقيا والعنونة» (1997) وتُعَدُّ ركناً نظرياً أساسياً في المكتبة العربية.ويشير خالد حسين في كتابه «في نظرية العنوان» إلى أنّ الاحتفاء بظاهرة العنونة اقتضى مسالك شائكة نظراً لندرة المراجع العربية في هذا الشأن واختلاف الاستراتيجيات المقترحة للقراءة النصية، ما اضطره إلى توليف منهجية تستمد حيويتها النقدية من مفهومي السيميولوجيا والتفكيك واختبار العنوان بحضوره الدلالي واللفظي ورصد تفاعلات العنوان مع النصوص. وحسب عبد الفتاح كيليطو فإن «العنوان يعلو النص ويمنحه النور اللازم لتتبّعه».