ما زالت تجربة موسيقى الراب في لبنان تسير بموازاة أزمات ومشاكل مجتمعنا المتفاقمة منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي. هذه الآفات مثّلت مصدر إلهام فرق الراب اللبنانية لصياغة مادتها الكلامية الانتقادية. فرق الراب المحلية ومستواها الفني في مجالها مقبول مقارنةً بالفرق الغربية والعربية، لكنّ نشاطها يرتكز إجمالاً إلى الحفلات الجامعية ومهرجانات الشارع على حساب إصدار الأسطوانات الخاصّة. ويعود ذلك إلى مشكلة الإنتاج التي يعانيها معظم الفنانين الذين اختاروا التيارات البديلة عن تيار الفن الرائج الذي يجذب الشركات المنتجة العملاقة ويحتلّ المساحة الأكبر من الوسائل الاعلاميّة المرئية والمسموعة.فرق الراب التي أصدرت أسطوانات عدّة في لبنان هي “عكس السير” و“ريس بك” المنبثق من الفرقة الأولى في مشروع منفرد ونشيط. أما الفرق الأخرى فمعظمها لا تتعدى اصداراتها المسجّلة المشاركة في أغنية واحدة ضمن ألبوم يضم أغنيات لفرق أخرى. في هذا السياق، يمثّل اطلاق الأسطوانة الأولى لفرقة “أشكمان” خطوةً مهمةً في مسيرتها الفنية كونها أكثر ثباتاً من الحفلات الحيّة بالنسبة إلى المستمع، ولأّنها توثّق على طريقتها مرحلةً من علاقة الشباب اللبناني بمجتمعه.
أسّس فرقة “أشكمان” الأخوان محمد وعمر قباني عام 2001. تأثّر عضوا الفرقة بالتجارب الغربية بطبيعة الحال ولا سيما بالتجربتين الأميركية والفرنسية. لكنّهما عملا على خلق هوية موسيقية وكلامية خاصة بهما. هكذا، يعتمدان في صياغة نصوص أغانيهما على الأحداث السياسية والتجارب الخاصة التي يمران بها، إضافة الى الأحاديث التي يتبادلانها صدفةً مع سائقي سيارات الأجرة البيروتيين المعروفين بغنى قاموسهم الشعبي.
شاركت الفرقة منذ تأسيسها في مهرجانات عدة في لبنان وخارجه كما قدّمت العديد من الحفلات في الجامعات اللبنانية الخاصة. وها هي تُطلق أسطوانتها الأولى بعنوان “نشر غسيل” تعاونت فيها مع أسماء معروفة في تيار موسيقى الراب في لبنان كـ “ريس بك” و“خط أحمر” و“DJ Ceasar K“ وغيرهم، إضافة إلى مشاركة غنائية للبنانية سارين وموسيقي الراب الألماني Blumenkopf.
ضمّت الأسطوانة 12 أغنية بينها مقدّمة تعرّف بالفرقة على غرار ما هو رائج في عالم الراب. وتتوالى الأغنيات الأخرى لتتناول بأسلوب مبطّن أو مباشر، لاذع ونافر في بعض الأحيان مواضيع من صميم المجتمع اللبناني. من الناحية السياسية الأمنية، تتطرق الفرقة إلى الفترة الممتدّة من أواخر عام 2004 مع بدء مسلسل الاغتيالات السياسة في لبنان وصولاً إلى اغتيال الوزير بيار الجميل وذلك بنبرة تميل إلى الموالاة دون مهاجمة المعارضة بشكل مباشر.
أما المواضيع الأخرى، التي تتناولها الفرقة في نصوص أغانيها، فهي الطبقية الاجتماعية والثراء الفاحش والتلوث البيئي والشواذات في سلوك المواطن اللبناني والعشائرية والطائفية المستشرية في المجتمع.. كما تهاجم بعنف الموجة الفنية الرائجة في لبنان والعالم العربي، فتسمّي المطربين وخاصة المطربات بأسمائهم (جاد شويري وهيفاء وهبي وروبي وودومينيك حوراني...). وأُرفق الألبوم بكتيّب يحتوي على نصوص معظم الأغنيات وتفاصيل تقنية أخرى.

  • بشير...

    فرقة “أشكمان” ــ CD «نشر غسيل»