محمد خير
فيما انتظرت «عمارة يعقوبيان» سنوات لتنتقل إلى الشاشة، ها هي رواية علاء الأسواني الثانية تتحوّل إلى فيلم ومسلسل بعد أشهر فقط من صدورها. الانتاج لن يكون لـ Good News هذه المرّة... فدار «الشروق» دخلت الميدان

هل يتحوّل صاحب “عمارة يعقوبيان” من ظاهرة أدبية إلى ظاهرة فنية؟ الوقائع المحيطة بالرواية الجديدة للدكتور علاء الأسواني تؤكد ذلك. إذ إنّ “شيكاغو” ستتحوّل قريباً إلى فيلم ومسلسل تلفزيوني، تماماً مثل سابقتها. وفيما تطوّر نجاح “يعقوبيان” مثل كرة الثلج، فإن “شيكاغو” على العكس، بدأ نجاحها مذ نُشرت سلسلة في صحيفة “الدستور” المصرية المستقلّة. ثم باعت 35 ألف نسخة في القاهرة، لتنفد طبعتها الثالثة بعد أقلّ من 45 يوماً، بعدما أصدرتها “دار الشروق” في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي انتهى في الخامس من شباط (فبراير) الماضي. وفيما انتظرت “يعقوبيان” أربعة أعوام حتى تحوّلت إلى فيلم سينمائي، وخمس سنوات لتقدّم في مسلسل لم يبدأ تصويره بعد، فإن “شيكاغو” التي وقع الأسواني عقود ترجمتها إلى أربع لغات حتى الآن، تقرر تحويلها إلى فيلم ومسلسل دفعة واحدة، ومع شركة واحدة، هي “الشروق” للإنتاج الإعلامي.
وبذلك، يكون الأسواني قد ترك مؤسسة “غود نيوز” للإعلامي عماد الدين أديب الذي أنتج فيلم “عمارة يعقوبيان”، إلا أنه سيحتفظ بالمخرج نفسه مروان حامد، ابن المؤلف وحيد حامد، صاحب المعالجة السينمائية لـ “عمارة يعقوبيان” لتقديم الفيلم المنتظر. وكان مرشحاً أيضاً لكتابة سيناريو “شيكاغو” لو اشترتها “غود نيوز”. أما بعد شراء “الشروق” لها، فقد أصبح السيناريست بلال فضل المرشح الأساسي لهذه المهمة. وكان فضل قد انتهى قبل أقلّ من شهر من كتابة معالجة سينمائية للرواية، لاقت إعجاب الأسواني فعلاً. لكن قرار التعاقد مع بلال كان متوقفاً على الاتفاق بين الأسواني وابراهيم المعلم، صاحب شركة “الشروق”. وهو الاتفاق الذي حسم صراعاً وتنافساً احتدم بين العديد من شركات الإنتاج على شراء حقوق الرواية. وقد ذكرت مصادر داخل “الشروق” أنّ المعلم لن يكون أقلّ كرماً في الإنتاج من “غود نيوز”. لذا، فقد يصوّر الفيلم في شيكاغو حيث تقع أحداث الرواية. ومن المؤكد أنّه سيستعين ببعض الممثلين الأميركيين لأداء الأدوار الأجنبية في الفيلم، وإن كان ذلك لن ينطبق على المسلسل الذي لم يتم الاستقرار بعد على مؤلفه أو مخرجه. ومن المعروف أنّ “عمارة يعقوبيان” كان العمل الأول للمخرج مروان حامد، وسيكون “شيكاغو” عمله الثاني. أما بلال فضل فيعدّ أحد أشهر كتاب السيناريو في السوق السينمائي المصري، وهو كاتب سجالي قادم من عالم الصحافة، عرضت له في العام الماضي خمسة أفلام دفعة واحدة، أربعة منها كانت أفلاماً كوميدية.
في “شيكاغو” يحتفظ الأسواني بوحدة المكان التي بدأها في يعقوبيان، وإن كان ينتقل هذه المرة إلى ما وراء المحيط: مدينة شيكاغو الأميركية التي تفتتح الرواية بفصل خالص يحكي تاريخها. ثم تتناول حياة عدد من المبعوثين المصريين في كلية الطب في جامعة ألينوي، وعدد من الأساتذة المصريين فيها، علماً بأنها الجامعة التي درس فيها الأسواني، وحصل منها على إجازته في طب الأسنان.
تتطرق الرواية إلى التأثير المباشر وغير المباشر للدولة المصرية على مبعوثيها في الخارج، وردود أفعالهم وكيفية تعاملهم مع هذه السيطرة، وتفاصيل مجتمعهم الداخلي الذي يمثّل نسخة مصغرة عن مجتمعهم في الوطن، وتأثير الغربة على الأساتذة المصريين المقيمين في الولايات المتحدة، وأسلوب تقبلهم لتلك الغربة ومدى تكيّفهم معها. وتفصّل الرواية مقدار التعاون بين أجهزة الأمن في مصر والولايات المتحدة، وتغوص في بعض المشاكل التي يدّعي المجتمع الأميركي أنه تخلّص منها، وعلى رأسها العنصرية، وغياب التواصل الإنساني.
ويعدّ فيلم ومسلسل “شيكاغو”، باكورة الإنتاج الروائي لشركة “الشروق” للإنتاج الإعلامي، يمتلكها رجل قادم من مجال صناعة الكتاب. وهو إبراهيم المعلم، رئيس اتحاد الناشرين العرب، وصاحب “دار الشروق” الشهيرة التي أصدرت “رواية يعقوبيان”. وتأسست شركة “الشروق” للإنتاج الإعلامي قبل ثلاث سنوات تقريباً. وأنتجت العديد من الأفلام والبرامج الوثائقية، بينها برنامج مكوّن من 26 حلقة عن الحِرَف التي تنقرض في مصر، وباعته لتلفزيون “أو تي في” الذي افتتحه أخيراً رجل الأعمال نجيب ساويرس. وأنتجت عدداً من الأعمال الوثائقية لحساب “الجزيرة الوثائقية”. الا أنّ أبرز البرامج التي تنتجها الشركة، هو برنامج “مع هيكل/ تجربة حياة” الذي تعرضه “الجزيرة الإخبارية”.
وقد عبّر الأسواني عن ارتياحه للتعامل مع المعلم بدءاً من طبع الرواية وتوزيعها، مروراً بالتعاملات المادية. ورأى أنّ أداء مؤسسة “الشروق” لم يختلف عن أداء أي مؤسسة نشر عالمية تعامل معها. وهو ما جعله يفضّل استمرار التعامل مع الشركة نفسها، معتبراً أنّ قرار المعلم باقتحام السوق السينمائي “مكسب للسينما المصرية”، خصوصاً لو قرر المعلم إنتاج المزيد من الأعمال الأدبية التي يملك حقّ استغلالها.
وكانـــت “دار الشروق” قد تعاقدت في الفترة الأخيرة، مع عدد من أبرز الكتاب والأدباء المــصريين. وأعادت طـــــباعة الأعــمال الكامـــــلة لنجيب محفوظ في طبــــعتين، إحداهما فاخرة والأخرى شعـــــــبية، ومنها الرواية الإشـــــكالية “أولاد حـــارتنا” التي تتصدر المبيعات مـــــنـــذ إصـــــدارها قبل شهرين، بعد أكثر من خمسين عاماً على منعها في القاهرة.