فاطمة داوود
يسابق نديم المنلا الوقت حتى تنطلق قناة FUTURE NEWS في حزيران (يونيو) المقبل. المحطة الجديدة لن تنافس «الجزيرة» أو «العربية». عينها على هموم المواطن اللبناني، خصوصاً أن «السياسة لم تعد تطعم خبزاً»


يوم أعلنت “المستقبل” عن نيتها إطلاق قناة إخبارية، ظن الجميع أن هدف المحطة هو تعزيز حضورها الإعلامي ومشروعها السياسي من جهة، ومنافسة الفضائيات الإخبارية الأخرى كـ“الجزيرة”، و“العربية”، من جهة ثانية. لكن رئيس مجلس إدارة “المستقبل”، الدكتور نديم المنلا، يعزو إنشاء الفضائية الجديدة إلى دوافع اقتصادية وسياسية في آن. ويوضح: “فرض علينا الواقع السياسي المحلي، وخصوصاً بعد حرب تموز، منح الأخبار والبرامج السياسية حيزاً كبيراً من ساعات البثّ. ووصل الأمر إلى درجة استئثار هذه المواد بالمشهد، وإعطائها مساحة فاقت الخمسين بالمئة، على حساب برامج المنوّعات والترفيه، ما أدّى إلى التأثير سلباً في منافستنا لفضائيات المنوعات الأخرى، وخصوصاً بعد ملل المشاهد العربي من متابعة القضايا اللبنانية الراهنة، فهو في الواقع غير معني تماماً بالسياسة المحلية. إضافة إلى ذلك تقلّصت نسبة الإعلانات في برامج الأخبار. لذا، كان لا بدّ من البحث عن الحلّ عبر قناة إخبارية تشكّل أحداث لبنان المادة الرئيسية فيها، وتخفف بالتالي العبء عن محطة “المستقبل” الأم التي تؤمّن لنا ثمانين بالمئة من الدخل العام”.
وفيما كان من المفترض أن تبصر الفضائية الجديدة النور قريباً، ستتأخر الانطلاقة حتى شهر حزيران (يونيو) المقبل. ويؤكد المنلا أن التأخير سببته بعض العثرات التقنية وعدم انتهاء بناء الاستوديوهات الخاصة بالقناة وبرامجها، “يلزمنا حوالى عشرة أسابيع إضافية حتى ننجز باقي الأمور المتعلّقة بتشكيل الفريق الإعلامي. نحن ننتظر جمع طلبات التوظيف واختيار الأنسب بينها، وخصوصاً أن تغطية جميع المناطق اللبنانية تستوجب زيادة خمسة عشر مراسلاً على العاملين في قسم الأخبار. أضيفي إلى ذلك أننا نعمل على تحديد هيكلة البرامج النهائية والإنشاءات الهندسية”.
يبادر المنلا في الإجابة عن قدرة المحطة الإخبارية على منافسة “العربية” و“الجزيرة” قبل أن نطرح عليه السؤال حتى، ليؤكد بحزم: “لن ننافس “العربية” ولا “الجزيرة”. لأن القناة متخصصة بالأحداث اللبنانية في المقام الأول، أي ستبحث وتتوغل في القضايا المحلية. لذا، سينتشر مراسلونا في المناطق اللبنانية، بحثاً عن النوعية والاختلاف، في محاولة لتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والاقتصادية والتنموية التي تقض مضجع الناس وتؤرقهم”. فضلاً عن المحلية، يراهن المنلا على دول الاتحاد الأوروبي، واتفاقيات الشراكة الأوروبية مع الدول العربية. ويوضح بحماسة: “نحن مقبلون في السنوات العشر المقبلة على تعاون مشترك مع ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وغيرها... ولا بدّ للمستثمر اللبناني والعربي من أن يتعرف جيداً إلى شريكه الاقتصادي الجديد”. ومن هذا المنطلق، ستخصّص القناة حوالى العشرين بالمئة من إنتاجها، لتقديم برامج ترصد أهمية هذه الشراكة وتداعياتها، عبر استضافة وجوه اقتصادية أوروبية، علماً بأنها مموّلة من الاتحاد الأوروبي.
القناة ستبثّ أربع وعشرين ساعة، بينها تسع ساعات لنشرات الأخبار، تقدم على رأس الساعة. أما البرامج فستوزّع على مدار اليوم وتشمل في الفترة المسائية، البرنامج الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي من السادسة وحتى السابعة، يليه من السابعة وحتى الثامنة عرض لبرامج خاصة تعنى بالشباب والمرأة والمواضيع التنموية المتعلّقة بمختلف المناطق اللبنانية، والهموم التي يرزح تحت نيرها المواطن. وتبقى للسياسة حصة الأسد، إذ تحتلّ وقت الذروة في السهرة، من التاسعة وحتى الحادية عشرة ليلاً، قبل أن يحين موعد برنامج “بانوراما” الذي يمتد حتى الثانية عشر ليلاً، ويقدم حصيلة الأخبار اليومية التي شغلت اهتمام الإعلام المرئي والمكتوب. ولن تغيب الأفلام الوثائقية العالمية عن الشاشة، لكن ستبثّ بعد منتصف الليل، وسيتم شراء معظمها من شركات الإنتاج الخاصة في لبنان والعالم.
لكن ماذا عن القناة الأم؟ يوضح المنلا: قد يتوقّع بعضهم أن انفصالاً تاماً سيحدث بين القناتين، إلاّ كل البرامج السياسية مثل “الاستحقاق” و“بصراحة” و“اقتصادنا والعالم” ستبثّ في الوقت نفسه على الشاشتين، مشيراً إلى أن قناة المنوعات ستخصص قسمها الأكبر لبرامج التسلية والترفيه والفنون والاجتماع والدراما، حتى تستقطب المشاهدين العرب. وماذا عن سياسة القناة الإخبارية؟ وهل هي قادرة على إرضاء جميع اللبنانيين؟ لا يخفي المنلا أن المحطة سترفع بطبيعة الحال الراية السياسية لتيار المستقبل وتوجهاته، “مع مراعاة تطبيق المعايير الموضوعية من خلال استضافة الشخصيات المعارضة أيضاً”.
أما بالنسبة إلى نجوم القناة، فيردّ بثقة بالغة: “اعتدنا تصدير الإعلاميين إلى مختلف القنوات الفضائية. ليس الإعلاميون فحسب، بل هناك فريق متكامل من التقنيين ومهندسي الإضاءة والصوت والخريجين يشغلون اليوم وظائف عدة في مختلف الدول العربية. لا أخفي أننا قدمنا للجزيرة جمانة نموّر، ونجوى قاسم وريما مكتبي إلى “العربية”، لافتاً إلى وجود خمسين بالمئة من موظّفي تلفزيون “المستقبل” القدامى في تلفزيون “دبي”... وجوه عدة ستظهر على شاشتي “المستقبل”، لكنني أتوقع أن تثبت الوجوه الجديدة أيضاً قدرتها على المنافسة بجدارة وكفاءة.
الدكتور نديم المنلا يشرف اليوم على تحضيرات إطلاق القناة، قبل أن يسلم مهام رئاسة مجلس إدارة قنوات المستقبل الثلاث (الأرضية والفضائية والإخبارية) إلى سمير حمود (عضو مجلس الإدارة الآتي من عالم المصارف) في شهر حزيران (يونيو) المقبل، على أن يكون عبد الستار اللاز مدير البرامج السياسية والأخبار في “فيوتشر نيوز”. أما المنلا ـــ كما بات معروفاً ـــ فسيتسلم مهام جديدة بوصفه مستشاراً اقتصادياً للشيخ سعد الدين الحريري.