دبي ــ زياد عبد الواحد
كلا ليس «مهرجان التسوق» في دبي، ولا زحمة سير من الــنوع الذي اعتاده سكان «الأرض الجديدة»... فالمدينة التي نبتت على غفلة في الصحراء، باتت اليوم أحد أضخم استوديوهات التصوير، تاركةً بعيداً خلفها مصر والمغرب

أكثر من نصف مليون سيارة أُوقِفَت من أجل رجل يرتدي زيّ شهريار ويصول بحصانه على الطريق السريع في دبي. لم يعد هذا المشهد غريباً على سكان الإمارة، إذ تشهد طرقها وحدائقها ومنتجعاتها منذ مدة حركة تصوير نشيطة لمصلحة أعمال سينمائية ودرامية.
“الليلة الثانية بعد الألف” هو عنوان المسلسل الذي يصوّره المخرج السوري عامر فهد حالياً في دبي، عن قصة كتبها جمال أبو حمدان، وتتناول السيرة المستمدة من “ألف ليلة وليلة” للملك شهريار وشهرزاد، بأسلوب كوميدي يمزج الخيال التاريخي مع الواقع العصري. شهريار هو الممثل السوري عابد فهد الذي أخلى واحداً من أكثر الشوارع حيوية في دولة الإمارات، شارع “الشيخ زايد” من أجل تصوير لقطة على حصانه، مستظلاً بالأبراج الشاهقة. أما بالنسبة إلى قصر الأمير “السفاح”، فقد اهتُدي الى منتجع صحراوي يبعد 40 كلم عن وسط دبي، اسمه “باب الشمس”، تحوّل الى استديو لتصوير معظم أحداث المسلسل الداخلية. وتؤدي دور شهريار الممثلة السورية أمل عرفة.
وتعطي مدينة دبي للاستوديوهات، في الوقت الراهن، تسهيلات كبيرة لجهات الإنتاج السينمائي والدرامي الراغبة في تصوير أعمالها في قلب المدينة، في محاولة لمزيد من ترويج اسم دبي، ونشر معالمها عبر الشاشات العربية والعالمية.
هكذا يصل محمد هنيدي الى “الأرض الجديدة” الأسبوع المقبل من أجل تصوير أجزاء رئيسة من فيلمه الجديد “عندليب الدقي”. ويبدو أن دبي ستكون الوجه الآخر لمنطقة “الدقي” العريقة في القاهرة. إذ يروي العمل قصة شقيقين أحدهما يسمى فواز، ويعيش في دبي، والآخر اسمه فوزي ويعيش في القاهرة، ويهوى الغناء والموسيقى، ما يجعل أصدقاءه يلقّبونه بالعندليب. وسيعقد “العندليب” مؤتمراً صحافياً مع المخرج وائل إحسان، حال وصوله الى دبي، يعلن فيه تفاصيل تتعلق بالأماكن التي اختيرت من أجل تصوير الأحداث. ويعتبر سيناريو الفيلم التجربة الأولى للشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر في السينما. وهو أيضاً التجربة الأولى للتعاون بين شركة “روتانا” و“مدينة دبي للاستوديوهات” التي تدخل مضمار الإنتاج السينمائي. وتحاول “روتانا” إشراك الأطراف الخليجية، سواء في السعودية أو الإمارات أو غيرهما، في الأعمال السينمائية المصرية التي تستعدّ لإنتاجها، من أجل تسهيل مهمة تسويقها في الخليج وحشد جمهور كبير لها في دور العرض، علماً بأنّ الأفلام المصرية لا تلقى عادةً الرواج نفسه الذي تحقّقه أفلام هوليوود أو بوليوود في دور العرض الإماراتية. وانطلاقاً من التوجّه نفسه، جرى إشراك الممثل المسرحي الكويتي داوود حسين في الفيلم، الى جانب هنيدي وخالد الصاوي وإنعام سالوسة والممثلة السورية الشابة هبة نور.
ويمشي هنيدي في هذا الفيلم على خطى النجم عادل إمام الذي صوّر جزءاً من فيلمه “السفارة في العمارة” في دبي. وبُنيت قصة الفيلم بطريقة تُظهر المدينة لاعباً أساسياً في الأحداث، لا مجرد مكان للتصوير، وهو ما تتحمّس له الجهات المعنية بإعطاء التراخيص في دبي، والتي تطّلع على السيناريو، قبل منح الإذن بالتصوير. وقد سبق لشركة “طيران الإمارات” أن رفضت طلب إمام تصوير مشاهد من الفيلم على متن إحدى طائراتها، لأن المشهد كان يتضمّن “تحرّشات يقوم بها البطل مع الراكبات، تحمل إيحاءات جنسية”. وقد جرى الاستعاضة عن ذلك ببناء ديكور للطائرة في مصر، حيث “عاكس” إمام الجميلات على راحته. وقال مسؤول في الشركة: “نحترم النجم وتاريخه، لكن المشهد بدا كأنه سيؤذي سمعة الشركة. وبعدما تُركت لنا حرية القرار في الموافقة أو الرفض من جانب مدينة دبي للاستوديوهات، آثرنا الابتعداد عن هذه المعمعة”. واستحدثت مدينة الاستوديوهات أخيراً ما يعرف بإدارة “الترخيص للمواقع”، وتتمثّل مهمتها في تسهيل جميع العمليات المتعلقة بتصوير الأفلام في دبي وبقية الإمارات. وتتضمن خدمات القسم استكشاف مواقع التصوير، استخراج التأشيرات، تسهيل حجوزات الطائرات والفنادق وتقديم المشورة في أفضل مواقع التصوير في الدولة، إلى جانب الترتيبات المتعلقة باستصدار الموافقات الضرورية لعمليات الإنتاج والتصوير.
يُذكر أخيراً أنّ بوليوود أيضاً حاضرة بكثافة في شوارع دبي، إذ يُصوّر حالياً الفيلم الهندي “حكاية عربية”، الذي يستعرض “بطريقة جذابة الإلفة التي يشعر بها الهنود في حياتهم في المدينة وذلك في إطار كوميدي مشوّق”، بحسب مخرج الفيلم لال جوزيه. ويشارك في الفيلم عدد من مشاهير الممثلين من ولاية كيرلا الهندية. وكانت أضواء دبي قد جذبت نجوم هوليوود أيضاً، وفي مقدمهم جورج كلوني الذي صوّر في الإمارة مشاهد أساسية من “سيريانا”، الفيلم السياسي الذي يتناول علاقة أميركا بدول الشرق.