محمد محمود
يبدو أن الراقصة الشعبية ستعود قريباً إلى بؤرة الضوء بعد سنوات من الغياب. ومن يتابع الأفلام المصرية التي تعرض حالياً، سيجد أن العنصر المشترك الوحيد بينها هو ظهور الراقصة الشعبية التي أدت دورها في فيلمي “أيظن” و“قصة الحي الشعبي”، ممثلتان من جيل الشباب. ولم يكن أحد يتوقع أنترتدي الحسناء نيكول سابا وزميلتها الهادئة مي عز الدين بدلة الرقص، لكنهما فعلاً قررتا المجازفة، وأعادتا قضية استغلال الرقص الشرقي في الأعمال الدرامية إلى دائرة النقاش. كما تؤكد المفارقة الجديدة عدم رغبة المنتجين في استثمار راقصات محترفات، وخصوصاً أن عددهن يتناقص في شكل مستمر، ولم يعد هناك سوى دينا التي أدت دوراً مشابهاً في فيلم «عليّا الطرب بالتلاتة» قبل أشهر قليلة. أضف إلى ذلك أن الراقصات الشابات يفتقرن إلى موهبة تحية كاريوكا وسامية جمال، وغيرهما من اللواتي ألهبن مخيلة حسن الإمام وزملائه، وقدّمن بطولات مطلقة، وشكّلن بالتالي محطة أساسية في تاريخ السينما المصرية.
لكن الرقص في فيلمي «أيظن» و “قصة الحي الشعبي»، لم يكن مبرراً في السياق الدرامي سوى لجذب الجمهور. في الفيلم الأول، تقدم مي عز الدين ثلاث شخصيات، بينها راقصة الأرياف «زبدة» التي تشارك في عروض فرقة شعبية، يغني فيها المطرب الشعبي عماد بعرور. وعلى رغم أنها تطلّ في دور مختلف عمّا قدمته في إطلالاتها السابقة، تؤكد مي اعتزازها بالدور، مشيرة إلى أنها لم تعد قادرة على حصر إطلالاتها بالفتاة الرومانسية الحالمة. أما سابا فتظهر في بداية الفيلم في دور مطربة تغني للأجانب في شرم الشيخ، قبل أن تتوفى والدتها، صاحبة فرقة شعبية في شارع محمد علي، فيذهب أفراد الفرقة بقيادة طلعت زكريا وسعد الصغير للبحث عنها من أجل إقناعها بتسلّم مهمات والدتها.
وعودة الرقص الشعبي إلى السينما أخيراً، دفع كثيرين إلى إعادة فتح الملف، وخصوصاً أن راقصات معتزلات مثل هياتم ونجوى فؤاد وزيزي مصطفى يحاولن دائماً إعادة إحياء هذا الفن الذي شكّل سابقاًً محركاً أساسياً لعجلة السياحة المصرية. وعلى رغم أن المعتزلات أكدن أن عودة الراقصة الشعبية ستشكل دعماً لمشروعهن، اشترطن اعتمادها في السياق الدرامي، لا إقحامها في بعض المشاهد لإرضاء الجمهور، تفادياً لهذا الأثر السلبي الذي حدّ كثيراً من انتشار هذا الفن واستمراريته طوال العقود الأخيرة. كما اعترفن بأن الاستعانة بالراقصات المحترفات بات صعباً نظراً الى قلتهن من جهة، وتقدم أبرزهن في السن من جهة اخرى. إضافة إلى المشاكل التي تواجه الراقصات الشابات وخصوصاً دينا التي اتهمت بالتسبب بـ«سعار جنسي» خلال عيد الفطر، لأنها رقصت أمام دور عرض وسط القاهرة ـــ وهو ما سبقتها إليه فيفي عبده يوم احتفلت رقصاً بافتتاح أحد أفلامها بمرافقة زفة بلدية ـــ تجدر الإشارة إلى أن عبده تعمل جاهدة في الفترة الأخيرة على إثبات موهبتها كممثلة بعيداً من الرقص وشجونه... قريباً من السينما، يبدو أن الراقصة الشرقية بدأت تدغدغ أيضاً مخيّلة مخرجي الفيديو كليب. فها هو وسام الأمير يستعين بزوجته الراقصة المعتزلة ناريمان عبود في كليب «بنت الجامعة»، كما أن روزي ارتدت بدلة الرقص في كليبها الأخير «أبوعلي»، فيما حصدت روبي شهرتها بعدما ارتدت بدلة الرقص وتمشّت في شوارع إحدى العواصم الأوروربية تغني «انت عارف ليه».