strong>عبد الغني طليس
ليس بالكليب وحده تحيا نانسي عجرم. هي تعتمد أولاً على الأغنية الخفيفة ثم الفيديو كليب، وأخيراً العلاقة الجيدة التي تنسجها مع الجمهور عبر المقابلات التلفزيونية التي تختارها بعناية. مقابلات تروّج عنها فكرة المغنية الرقيقة التي لا تلتزم بمقولة: كوني جميلة واصمتي، إنما هي جميلة، تتكلّم، وتغني أيضاً. وكلامها، على رغم بساطة تجربتها الغنائية والشخصية، ينمّ عن ذكاء، بعضه فطري وبعضه مكتسب على عجل من حياة صاخبة، كبرت فيها البنت قبل أوانها، وتمرّست بالغناء والتّعلم من الظروف التي تتوالى فصولاً، فأضحت نجمة غناء، ونجمة حوار، ونجمة التواصل مع الجمهور...
لم يكن بمقدور عجرم أن تكون تلك المغنية الحيوية لولا خبرة مدير أعمالها جيجي لامارا الذي اكتسب خبراته من العمل مع مغنية أخرى. والضجّة الواسعة التي لا تزال تحدثها مع كل عمل فنّي جديد، ليست تركيبة بل حقيقية، وليست مفتعلة بل صحيحة. وإذا كانت الأخريات يلجأن الى اختلاق فضائح أو «روايات» خاصة عن أعمالهن، فإن نانسي لا تعتمد الأسلوب نفسه، بل تترك العمل الفني يفرض حضوره. ولم يعرف عن مغنية في مثل سنّها وحضورها وشهرتها أن ابتعدت عن شرّ البروباغاندا الإعلامية و«غنّت» لها، كما يقول المثل الشعبي. وهذا ما يحسب في رصيدها الفني... والأخلاقي. إذ من النادر أيضاً العثور على مغنية ــ نجمة كنانسي، لم تنل منها شائعات الحب والرجال. كل ما كتب عنها، وعن حياتها وأغانيها وكليبّاتها، بقي في الإطار الفنّيّ المحض، سلباً وإيجاباً، وأحياناً سلباً جداً وإيجاباً جداً.
نانسي عجرم هي ابنة عصرها: السرعة، الرقص، الإيقاع وغرام الصبايا الوالهات. كما أن الشبّان الذين «تحبّهم» في الكليبات ليسوا «مخترَعين». إنهم شبّان من الحياة، تجسّد معهم حالات حب طبيعية. وهذا في حدّ ذاته، أمر جديد نسبياً على المغنية العربية التي كانت ولا تزال، تترفّع أحياناً في الكليب عن أن تحب حقاً، (حتى كارول سماحة فعلت ذلك في كليبّها الأخير)... يبدو الرجل أو الشاب أمام أغلب المغنيات عبارة عن شكل وسيم من دون عاطفة. إنه صنم على شكل رجل. في حين، تبدو الفنانة وكأنها تغني لرجل آخر في خيالها، وما «هذا» الذي أمامها إلا لزوم التصوير. أما عجرم، وقلّة من المغنيات اللبنانيات، فحوّلن الرجل في الكليب إلى حالة إنسانية عاطفية بدلاً من أن يكون «منظراً». ولعلّها في كليب «إحساس جديد» طوّرت من لغة الحب مع الرجل فصوّرت حبّاً مع رجل أبكم، جعلته ينطلق بالإحساس وكلام العيون الخفيّ، في تعبير فنّي ووجداني عميق، ما جعل الأغنية عالماً من السحر المرئي في الصورة والصوت، على رغم أنّ الأغنية ككل ليست ذات بال...
وعلى رغم تعاونها في الكليب الأخير مع سعيد الماروق، لا تغفل نانسي عن مدى تأثير المخرجة نادين لبكي في تجربتها الفنية. فقد أعطت لبكي غناء نانسي أبعاداً درامية راقية في الصورة والمشهد وحالة العشق. كانت لبكي مولعة باللّمسة الإنسانية، فمنحت أغاني نانسي ذلك الولع الشفّاف إلى حد يمكن القول معه إن في تكوين نانسي الفني ما يشير إلى أصابع نادين وعينيها وذائقتها الفنّية. لكن... ألا ينبغي أن تتعب عجرم من شدّة الإيقاع، فتهدأ؟