القاهرة ــ محمد خير
  • إيطاليا ضيفة شرف “معرض القاهرة الدولي للكتاب”

    “معرض القاهرة الدولي للكتاب” مناسبة لجس نبض الثقافة المصريّة، وتسليط الضوء على قضايا فكرية وأدبيّة وسياسية تتجاوز حدود مصر لتشمل العالم العربي. نجم هذا العام، هو الـ «نوبل» التركي أورهان باموق، فهل يقترب صاحب «ثلج» من العرب أخيراً؟

    ما جديد الدورة التاسعة والثلاثين من “معرض القاهرة الدولي للكتاب” التي تفتتح اليوم، وسط الكلام المتجدد على أزمة النشر ومشكلات الكتاب الثقافي العربي...؟ هل نقترب من مفترق الطرق الحاسم الذي يعيد النظر في هيكليات المؤسسة الثقافية الرسميّة، المتمثلة هنا في “الهيئة المصريّة العامة للكتاب”؟ أما زال يخيّم شبح الخصخصة على التظاهرة العريقة؟ وما هي الأحداث الفكريّة والأدبيّة (والسياسيّة) البارزة التي تستقطب الاهتمام، ويتركز عليها النقاش؟
    الدورة التي تستمر حتى الرابع من الشهر المقبل، بمشاركة 26 دولة منها 16 دولة عربية، و667 ناشراً منهم 514 ناشراً مصرياً، تحتفي بالراحل الكبير نجيب محفوظ. وسيكون في عداد “نجومها” ضيف خاص، هو صاحب نوبل التركي أورهان باموق. وتحلّ إيطاليا ضيفة شرف على القاهرة، وتطلق الدورة “جائزة البحر المتوسط للترجمة”. وتناقش ندوات معرض الكتاب هذا العام قضايا مهمّة منها علاقة الإسلام بالغرب، ودور المجتمع المدني في التنمية...
    إلا أن طيف نجيب محفوظ سيكتسح بلا شك أجواء المعرض، ويطغى حضوره على النشاطات الأخرى... إذ يُخصص جناح كامل لعرض مقتـــــــــــــــــــنياته، ورواياته بطبعاتها المختــــــــــــــلفة وترجماتها المتعددة. وأُعدّت سلــــــــــــــــسلة من الندوات واللقاءات الثقافية حول أدبه، تحت عنوان “بورتريه لعم نجيب”. هكذا، ينظم المقـــــــــــــــــهى الثقافي نــــــــــــدوات “القاهرة الجديدة: الرواية والواقع السياسي”، “بين الحارة والعمارة”، “رادوبيس: نجيب محفـــــــــــوظ والمرحلة التاريخية”، “أولاد حارتنا: نجيب محفوظ وفقه المصادرة”، “زقــــــــــاق المدق: نجيب محفوظ والسينما”. هذا إضافة الى ندوات تقام في القاعة الرئيسية، “قاعة 6 أكتوبر”، ومنها “وضع المرأة المصرية في القرن التاسع عـــــــــشر من خلال الثلاثية”.
    أما أهم المواعـــــــــــيد الأخرى، فهو اللقاء المفـــــــــتوح الذي يلتقي خلاله جمهور المعرض الروائي التركي أورهان باموق، آخر الفائزين بنوبل. وهناك ندوتان، ضمن محـــــــــــــور “الإسلام والغرب”: “الإسلام والأديان: خلاف أم إرادة هيمنة؟” التي يتــــــــــــــوقع أن تكون صاخبة، ومثلها “عـــــــــــدم معرفة أم رفض الآخر”. أما “المقهى الثقافي”، فينظّم مجموعة ندوات محورها “سؤال الثقافة”، بينها “في الثقافة المصرية”، و“رسالة في الطريق إلى ثقـــــــــــــــافتنا: محمد محمود شاكر”.
    أضواء على الأدب الإيطالي
    ولكون إيطاليا ضيفة الشرف في معرض القاهرة هذا العام، سيفتح المجال أمام اكتشاف، أو إعادة اكتشاف، أسماء وتجارب مهمّة في الأدب العالمي المعاصر. وسيزور القاهرة بعض الكتّاب الطليان البارزين، مثل نيكولو أمانيتي وأنطونيو تابوكي... فيما خُصّص حيّز واسع لعرض مطبوعات 40 دار نشر إيطالية، ولا سيما المترجم منها إلى العربية. ويشارك الكتّاب الإيطاليون في سلسلة لقاءات تجمعهم مع نظرائهم المصريين تحت عنوان “مؤلف إيطالي ومؤلف مصري، وجهاً لوجه”. وتضم قائمة الكتّاب المصريين أسماءً منها إدوار الخراط وبهاء طاهر وجمال الغيطاني وعلاء الأسواني. ومن الشباب الروائي أحمد العايدي. وينظم المقهى الثقافي عدداً من الندوات التي تحتفي بوجوه وظواهر من الحضارة الإيطاليّة، منها “الطرز الإيطالية في عمارة وسط البلد”، و“فلسفة عصر النهضة الإيطالية”. ويفتتح الجناح الإيطالي معرضاً للصور الفوتوغرافية لتصميمات “مسجد روما”. وينظم الجناح عينه ندوة عن دار “جيوفاني” الإيطالية التي ترجمت العديد من الروايات المصرية، يتحدث فيها كل من إليساندرو غاليو وإيزابيلا دافيلتو. ومن أصحاب الأعمال المترجمة إبراهيم أصلان ومحمد البساطي وإبراهيم عبد المجيد.
    وعلى هامش الحضور الإيطالي، يعلن انطلاق جائزة البحر المتوسط للترجمة التي تنظمها “مؤسسة المتوسط” الإيطالية. وقد تفرعت جائزة الترجمة من جائزة المتوسط التي تمنحها المؤسسة المذكورة منذ عام 1997 في مجالات عدة، منها السلام والعمارة والثقافة. وستمنح الجائزة، ابتداء من هذا العام، بالتناوب لمترجم عربي عن الإيطالية، ثم لمترجم إيطالي عن العربية. وهدف الجائزة، والمؤسسة التي وراءها، دعم التبادل الثقافي بين ضفتي المتوسط. وتحسّباً للجائزة واحتفاءً بضيف الشرف، ترجمت “هيئة الكتاب” المصرية عدداً من الكتب منها “أوروبا والإسلام تاريخ من سوء التفاهم” لفرانكو كارديني و“الفيكونت المشطور” لإيتالو كاليفينو.
    الحيوان الباكي
    ولا تقتصر المشاركة الأوروبية على الضيف الإيطالي. فمن فرنسا يشارك عدد كبير من دور النشر، ويشارك أدباء ونقّاد فرنسيون في المحاور الخاصة بنجيب محفوظ. ويشمل الجناح الفرنسي ركناً خاصاً لأعمال ميشال بوتور الكاتب الفرنسي العاشق للقاهرة الذي خطّ أول كتبه في محافظة المنيا في صعيد مصر عام 1954. أما بريطانيا، فتشارك بوفد من الناشرين والوكلاء الأدبيين، منهم ممثلون لدور “فريزر أند دانلوب”، و“بلومسبيري”، و“مايرون بويرس”، ودار “هودر” لكتب الأطفال. ويلتقي الوفد عدداً من الناشرين المصريين، استعداداً للعام المقبل، إذ ستحل مصر ضيفة شرف على معرض لندن للكتاب. ويتحدث الكاتب الألماني ميشيل كليبرغ في المعرض، عن كتابه “الحيوان الباكي” الذي يضم يومياته في لبنان. ويلتقي الألماني أنجو شواتزي بالمصري جمال الغيطاني في ندوة عن الكتابة.
    يرأس المعرضَ رئيس هيئة الكتاب ناصر الأنصاري، وهي الدورة الثانية له بعد رحيل سمير سرحان الذي بقي عمراً مديداً على رأس الهيئة. وسيُفتح المعرض للجمهور بدءاً من 25 من الشهر الحالي. واللافت أنّ الحديث خفت هذا العام عن خصخصة المعرض، بعدما اكتُفي بإسناد تنظيمه وإدارته منذ العام الماضي إلى إحدى الشركات الخاصة.