حوراء حوماني
فيلم عن الحرب مع فيليب عرقتنجي، مسلسل مشترك مع دريد لحّام، ومسرحية قريباً مع ليال ضوّ... ومع ذلك، فإنّ جورج خبّاز غير “راضي”، ولا يتعب من مهاجمة الوسط الفني

يتحدث جورج خباز بحماسة عن مسلسل «فادي وراضي» الذي يعرض على شاشة LBC. يبدو راضياً عن هذه التجربة التي حاول من خلالها أن يعطي المعوق جزءاً بسيطاً من حقه في عملية الدمج الاجتماعي. وقد شكّل الدور المركب للشخص الضرير الذي أداه في «فادي وراضي»، تحدياً داخلياً، و«خصوصاً أن هناك خيطاً رفيعاً يفصل بين أن يضحك الناس لأدوار مماثلة، وأن يضحكوا عليها». ويشير الى مفاجأة تتضمنها الحلقة الأخيرة التي تعرض الأسبوع المقبل.
لكن خباز ينتظر عرض مسلسل «ساعة بالإذاعة» (بعد “فادي وراضي”) على الشاشة نفسها، بعدما تأجلت انطلاقته منذ سنة تقريباً. وفي العمل الذي كتبه هو أيضاً، يرصد التغييرات التي يعيشها الوسط الفنّي اليوم من خلال يوميات موظفي إذاعة محلية. ويشارك في البطولة ليليان نمري وليال ضو وغيرهما. وهو يعمل حالياً على التحضير لمسلسل كوميدي اجتماعي مع دريد لحام، يسلطان فيه الضوء على صراع الأجيال من خلال العلاقة التي تجمع أباً وابنه. يبدأ التصوير في آذار (مارس) المقبل، علماً بأنه ما زال في مرحلة الكتابة، ولم يتمّ اختيار المخرج أو الشخصيات المشاركة فيه بعد. وهو من إنتاج شركة «نيولوك برودكشن».
ولكن أليست مفارقة أن ينشغل خباز بكل هذه الأعمال، في وقت يشكو الكثيرون من غياب الدراما اللبنانية وخفوت بريقها؟ يجيب خبّاز كمن يكرر درساً حفظه عن ظهر قلب: «تكاد LBC تكون المحطة الوحيدة التي تنتج مسلسلات... لم تعد أعمالنا تغري المنتجين في القنوات المحلية، علماً بأنها كانت سابقاً تدرّ عليهم ذهباً. أما اليوم، وبما أن الكتّاب منشغلون بتقليد الغرب ـ ما جعلهم يفقدون هويتهم الخاصة ـ ابتعدت الدراما عن الواقع، وعزف المنتجون عنها». أما الحلّ برأيه فيكمن في أن تتسلّم الدفة مجموعة من الكتّاب الجدد. ويتابع بحماسة: «على نقابة الممثلين أن تنشئ أكاديمية، تصقل فيها الطاقات التي نملكها. أدرّس مادة المسرح في الجامعة اليسوعية، وأتعرّف يومياً على مواهب تستحق الدعم. ولكن كما في السياسة كذلك في الفن، تحتكر مجموعة كتابة السيناريو في لبنان، وقد لا يزيد عددهم عن أصابع اليد الواحدة».
وعلى رغم الشهرة التي منحها التلفزيون لخبّاز، لا تزال خشبة المسرح تدغدغ مخيلته كل فترة. وبعد «مصيبة كبيرة» و«كذاب كبير»، يطلق بداية الشهر المقبل مسرحيته الجديدة «هلق وقتا» على خشبة «الشاتو تريانو». وهو عمل كوميدي «يعالج أيضاً ما وصلت إليه الحال من تردّ في الوسط الفني عموماً، والغنائي خصوصاً». وتدور أحداثها في قلعة تحرسها مجموعة من العسكر. وتبدأ سلسلة المغامرات، بعدما تصل إحدى المطربات لتصوير فيديو كليب لأغنيتها الوطنية في القلعة، فتنقلب الحياة داخل أسوارها رأساً على عقب. والمسرحية من تأليف خباز وإخراجه وإنتاجه. ويشارك في بطولتها 16 ممثلاً، بينهم: ليال ضو، بشارة عطا الله، غسان عطية، لورا خباز وغيرهم، إضافة إلى فرقة «بقنايا» للرقص الشرقي.
حينما يتحدث خبّاز عن المسرح تتغير لهجته ويخفت صوته، «هناك رابط حميم يجمعني بالخشبة. وعندما أختار الممثلين أبحث عن الموهبة والأخلاق، فالاحتراف والصدق هما أهم مقوّمات النجاح». ويعتبر الممثل اللبناني أنه يعيد الاعتبار الى المسرح الكوميدي، بعدما اتجهت الأعمال الأخرى نحو «اللعب على الغرائز السياسية والجنسية». لذا تراه يرفض استغلال المسرح السياسي، مكتفياً بتقديم عمل أساسه «الضحكة الهادفة المبنية على كوميديا الموقف، والقائمة على حبكة كاملة ضمن ساعتين من الوقت، وليس على اسكتشات خفيفة متقطعة». ويضيف خبّاز ان رسالته في كثير من الأحيان تحاول الإضاءة على حالات شاذة في المجتمع، وتدعو إلى تقبّل الآخر دينياً وسياسياً وحتى جسدياً، من دون أن يقدم نفسه كمصلح اجتماعي، وخصوصاً أن «معالجة القضايا الاجتماعية قد تنعكس إيجاباً على حقول الحياة الأخرى”. ويرى أن وضع المسرح أفضل من وضع الدراما في لبنان، مستنداً الى تاريخ حافل بدأ مع الرحابنة وشوشو ثم المسرح التجريبي مع روجيه عساف ونضال الأشقر في السبعينيات، وصولاً إلى «العبقري» زياد الرحباني، ومسرح الشونسونييه الذي صار جزءاً من تاريخنا. ويـــــــأسف «لأننا لا نزال ندفع ضريبة ملاه في المسرح، ما يعكس نظرة دونية لهذا القطاع، وكأن الدولة تتعامل مع الخشبة على أنها ملهى ليلي، وليست منبراً ثقافياً». خباز لن يكتـــــــفي بالسينما والتلفزيون، إذ انتهى أخيراً مع الممثلة ندى أبو فرحات من تصوير فيلم «تحت القصف»، كتابة وإخراج فيليب عرقتنـــــــــجي. ويتناول الفيلم حرب تموز الأخيرة وتداعياتها من خلال قصــــــــة عاطــــــــــفية. وقد بدأ كتابة فيلم آخر، يمزج الدراما والكوميديا، من خلال قصــــــــة شخص معوق، يحاول التأقلم مع مجتمعه الشرقي. ويعترف خباز أخــــــيراً بأهمية السينما، «لكن بشرط أن نستـــــــغلّها لقضــــــــايانا المحلية».