بيار أبي صعب
معالي وزير الإعلام اللبناني الأستاذ غازي العريضي المحترم،
قبل أيام، استقبل الإعلامي والشاعر زاهي وهبي الكاتب السعودي هاني نقشبندي، احتفاءً برواية «اختلاس»، باكورته الأدبيّة الصادرة حديثاً عن «دار الساقي» في بيروت. وشرّفني أن أكون في «مسرح المدينة» يومذاك بين الجمهور، لحضور تصوير تلك الحلقة من برنامج «أحلى الناس» الذي يبدأ بثّه الأسبوع المقبل على شاشة «المستقبل». هكذا سمعت زاهي وهبي يلمّح في أحد الأسئلة إلى احتمال منع رواية «اختلاس». وعندما تأكّدنا لدى أصحاب العلاقة، فهمنا أن الأمر لم يحسم تماماً بعد، لكنّ القرار في يد وزارة الإعلام... وهناك ميل حقيقي إلى منع الرواية.
أشعر بشيء من الحرج وأنا أكتب إليكم في عزّ انشغالكم بقضايا مصيريّة. أما الحرج، فلا ينبع فقط من كوني ألفت نظركم إلى عمل أدبي، فيما حكومتكم تطلق الرهانات المستقبليّة لانتشال الوطن من كبوته، وتحقيق النهضة الاقتصادية... بل أيضاً لكوني أتنطّح للدفاع عن «حق» الأديب في كشف المسكوت عنه، دافعاً حدود التعبير، باستمرار، إلى أبعد بقليل مما يسمح به السائد. فأنا أكتب من منبر فئوي، كما تعرفون، محسوب على أعداء الوطن، ومن منبر أصولي إلخ، لأطالب بعدم منع رواية سعوديّة، جريئة وجميلة، بحجّة أنّ فيها شيئاً من السكس، وبعض النقد للخبث الذي يتخفى وراءه دعاة الأخلاق.
معالي الوزير. أعتقد أن على مكتبكم نسخة من «اختلاس»، يتصدّرها إهداء الكاتب. آمل أن تجدوا بعض الوقت للاطّلاع عليها. أنا واثق من أنكم ستحبّونها... وأن رجلاً يحترم الإبداع مثلكم، في حكومة ليبراليّة تراهن على كلّ أشكال الانفتاح والحريّة، لا يمكنه أن يقبل بمنع رواية جيّدة، لمجرّد أنّها تتحلّى بشيء من الجرأة. واسمحوا لي أن أختم رسالتي بكلمة سمعتها من هاني نقشبندي: «إذا لم يعد بإمكان كاتب سعودي مثلي أن ينشر روايته حتّى في بيروت، فأين تراه يذهب؟». يمكن أن نضيف: «وماذا يبقى عندها من بيروت؟».