عَزّة الحسن مخرجة فلسطينية يصعب تصنيفها. هذه السينمائية الشابة (1971) التي عادت الى رام الله عام 1996، أسّست عبر فيلمها “ملوك وكومبارس” (2004) الحاصل على جوائز عدة، لشكلٍ جديد في صناعة السينما الوثائقية الفلسطينية. وتستعدّ الحسن التي أنهت أخيراً فيلمها الوثائقي الجديد “دايما اتطلعي بعيونهم”، لخوض أول تجربة لها في مجال الفيلم الروائي، من خلال شريط مقتبس عن “الباذنجانة” للروائية سلمى الدباغ المقيمة في بريطانيا.يتناول “دايما اتطلعي بعيونهم” مفهوم الإسرائيلي في حياة الفلسطينيين، بعيداً عن الصورة النمطية. إنّها حكاية أبو الريش “المجنون” الذي أحبّه معظم من قابله في لبنان ــ بينهم عزة الحسن الطفلة ــ والذي اتضح لاحقاً أنه كولونيل في الجيش الإسرائيلي. هكذا، ستنتقل الكاميرا من الضفة الغربية، ماحيةً الحدود الجغرافية مع المدن العربية الأخرى.
تقول عَزّة الحسن: “الفكرة أن إسرائيلياً كان يعيش بيننا، وأنّنا أحببناه بعد أن غيّر هويته وتقرّب منّا. هو يدرك تماماً أن كشف هويته سيجعلنا نرفضه. لم يكن الفيلم بمثل هذه السهولة. داخل العلاقة مع الآخر، هناك أجزاء تتعلق بالعلاقة مع الذات. من خلاله نقرأ أنفسنا”. تلاحق المخرجة في فيلمها الجديد شابين وفتاتين يلتقون في رام الله، ويبدأون بالبحث عن أبو الريش، في “خطوة ترمز إلى البحث عن الآخر الذي هو جزء لا يتجزأ من حياتنا، على رغم غضبنا العنيف منه”.
هذا اللعب أو اللهو في أفلام عَزّة، عبر التركيب المتعمد لحدث هنا أو هناك، مثل حكاية الشباب الأربعة، أو بحثها في “ملوك وكومبارس” عن الأرشيف السينمائي الفلسطيني في مقابر الشهداء الفلسطينيين في بيروت، رأى فيه بعض النقاد “انقلاباً” في عالم الفيلم الوثائقي. فيما ترى هي أنه يعبّر عنها “مخرجةَ أفلام وثائقية، لا صحافية”. في “ملوك وكومبارس”، لم يكن الحديث عن مصير الأرشيف، بقدر ما هو عن شباب عملوا على إعادة تركيب الهوية الفلسطينية بعد عام 1967 من خلال هذا الأرشيف. إنّه يتحدث عن الهوية في الدرجة الأولى.
وتؤكد عزة أنها تبحث في أفلامها عما تسميه “الاقتراح الفكري الفلسطيني في زمن ضاع فيه كثير من اقتراحنا”. وهي نجحت في فتح باب جديد قد يعبر منه كثيرون تجاه عصر مختلف من السينما الوثائقية الفلسطينية، بدءاً من “ملوك وكومبارس” وصولاً الى “دايماً اتطلعي بعيونهم” بحثاً عن هوية قد تكون مهزومة أو مأزومة، تعيد النظر في علاقتنا مع أنفسنا ومع الآخر.
عن فيلمها الروائي الأول، تقول الحسن: “ما زلنا في البدايات، لكن أعتقد أن رواية “الباذنجانة” مهمّة، وقد نخرج بشكل سينمائي مختلف”. الرواية التي حصلت على جوائز عدة، تتناول قصة عن صديقين كان لهما توجّهات سياسية خلال دراستهما معاً في الجامعة. تحوّل أحدهما الى رجل أعمال في دبي، والثاني إلى صحافي فاشل. وهنا، يدور حوار عميق بينهما بعد طول فراق.
يوسف...