برلين ــ يوسف الشايب
بضعة أمتار من الحجارة هي ما تبقى من جدار برلين الذي لفظ أنفاسه الأخيرة مع نهاية العقد الثامن من القرن الماضي.
هذا الجزء المتبقي من الجدار نقطة جذب للسياح الأجانب وزوار المدينة من الألمان الذين يحرصون على التقاط الصور التذكارية مع بقايا الجدار، وعلى زيارة نقطة العبور الأميركية التي كانت المحطة الأخيرة في برلين الغربية وبرلين الشرقية.
الحاجز العسكري الذي كان يسمح للأجانب بالعبور بين البرلينتين، وهو ما لم يتح للألمان، تحول إلى مزار سياحي وسط برلين، في مكان قريب من متحف يتحدث عنه وعن تاريخه، ويرصد مراحل تطور بناء جدار برلين، منذ بداية المد الشيوعي في ألمانيا الشرقية، وحتى هدمه عام 1989، وهو ما ترصده أرصفة الشوارع المحيطة بالحاجز الرمزي في صور ومعلومات مكتوبة.
واللافت أن العديد من الشركات الألمانية، حولت الجدار إلى مشروع تجاري، وذلك تلبية لرغبة السياح وزوار برلين بحمل تذكارات معينة من المدينة، فحجارة الجدار المدمر باتت توضع في علاقات للمفاتيح، وفي بطاقات تحمل صوراً للمدينة، بل إن بعضها مغلف بالزجاج أو البلاستيك.
زائر العاصمة الألمانية يشعر بأن جدار برلين تحول إلى “هدايا تذكارية لزوار العاصمة الألمانية”.
المصري محمود جلال، كمعظم السياح في برلين، لم يفوّت فرصة التقاط صور قرب بقايا الجدار، وكان يردد “والدي كان يحدثني عن صعوبة الرحلة بين ألمانيا الشرقية والغربية في السبعينيات... اليوم أنا أقف قرب الجدار، ويمكنني أن أضع قدماً في شرق برلين، وأخرى في غربها.. كنت أتمنى أن يكون والدي على قيد الحياة، فقد كان يؤكد على أن أية جدران لن تقف حائلاً دون رغبات الشعوب.
صور الثورة على الجدار، ومشاركة الألمان في هدمه تصدّرت العديد من واجهات المؤسسات الحكومية كما في قبة البرلمان الألماني وفي العديد من المطاعم، كما هي الحال مثلاً في مطعم “توشير” القريب من البوابة بين البرلينتين، حيث صور هدم الجدار في كل مكان من طبقتي المطعم الذي تتصدر واجهته مكتبة لا تخلو من كتب تتحدث عن الوحدة، وجدار برلين، وألمانيا الموحدة، بدلاً من الألمانيتين.
وبعد مرور أكثر من 15 سنة على الوحدة، لا تزال تداعياتها تظهر في الكثير من النقاشات العامة والخاصة، وفي المقالات والتقارير الصحافية، وفي الروايات والأفلام السينمائية، ومن بينها “وداعاً لينين” الذي حقق ويحقق جوائز عالمية عدة، فيما تنتشر في أماكن بيع الأفلام والكتب في برلين، أفلاماً وثائقية عن جدار برلين، وتتناول هذه الأفلام تاريخ الجدار، وعملية هدمه وتأثيرها في حياة الألمان عامة وسكان برلين بشقيها الشرقي والغربي على وجه الخصوص. ويتحدث أصحاب المتاجر المتخصصة عن الإقبال الكبير على شراء نسخ من هذه الأفلام، وعن العدد الكبير من محبيها ممن عايشوا المرحلة التي هُدم خلالها الجدار وتوحدت البلاد.