خصّ الروائي السعودي الراحل عبد الرحمن منيف تجربة جبر علوان ببحث نقدي عنوانه “جبر علوان... موسيقى الألوان” (دار المدى – دمشق، 2000)، يُعَدُّ مرجعاً أساسياً لتجربة هذا الفنان العراقي المميز.يكتب صاحب “مدن الملح” أن “هذا التشكيلي لا ينوي مغادرة طفولته”، لذا تأتي لوحاته كناية عن “تراث بابلي من الشعر والملحمة والموسيقى والبناء، وصولاً إلى الحالات القصوى من الحزن والخوف والعنف والبكاء والهذيان ورغبة الخلود، وقد تتجاوز ذلك إلى سؤال الطفولة البريء والشائك”.
ويحاول منيف أن يفسّر اللغزين اللذين يلازمان أعماله، أي المرأة واللون، مشيراً إلى أن علوان منجم ألوان، كأن اللون لديه “ينبض على السطح، مثل انفجار بركاني ينبع من فوهة سرية كخلاصة للذاكرة والرغبة التي تحمل غنى جذوره الشرقية”. فيما يعزو وجود المرأة الدائم في أعماله إلى أن “موقف هذا الفنان من المرأة أخذ يتشكل من خلال عزلة الأم وشعورها بالوحدة. وسوف يتأكد هذا الموقف يوماً بعد آخر، حادثة بعد أخرى، نتيجة القسوة والظلم وعدم الاعتراف بأي حق للمرأة. وسيتأكد هذا أكثر حين تنزف الدماء أمام الجميع، بمن فيهم الصغار، في وضح النهار، على طرف النهر أو في مخادع النوم، لتقول في النهاية إنها القيم السائدة، وطبيعة العلاقة التي يجب أن تمتثل لها المرأة. هذا المناخ سيجد تعبيراته لاحقاً في أعماله التي عكست المرأة وحيدة وحزينة رغم مظاهر الزينة”.