strong>عبد الغني طليس
لا تكاد تصدّق حجم الفارق بين صوت أمل حجازي في أي أغنية مسجلة في الاستوديو، وصوتها في أي حفلة غنائية حيّة. التسجيل الطالع من الاستديو يأتي نقياً عموماً، خالياً من الأخطاء أو ما يسمى “النشاز”. أما أداؤها في الحفلة الحيّة فضعيف مليء بالثغرات. وتستطيع في جملة غنائية واحدة ان تعثر على ما لا يُصدّق من الوهن في الصوت والضياع في النوتات الموسيقية. على أي حال، ليست المشكلة في صوت أمل حجازي دون غيرها. أغلب نجوم الغناء اليوم، ما إن يقفوا على المسرح لأداء وصلاتهم حتى يعتري أصواتهم ارتباك قد يصل الى حد فاضح، ينبغي ان يكون ممنوعاً من الفنان نفسه قبل ان يمنعه الآخرون عن ذلك. لكن المشكلة هي ان النجوم يعتبرون ان الجمهور لن ينتبه الى ما يفعلون. وفي حال تنبّه أحدهم، فإن العذر الحاضر دائماً هو: لا بدّ من ان تمر في الغناء الحي لحظات من التعب أو الإرهاق أو الإنفلونزا المفاجئة، وتالياً فإن على الجمهور ان يتسامح معنا ولا يعلق أهمية كبيرة على ذلك!
صحيح ان الغناء الحيّ محفوف أحياناً بالمخاطر، وثمة احتمال أكبر من الاستوديو للوقوع في الخطأ، لأن المغني لا يستطيع تلافي الخطأ “الحي” إذا حصل، فيما يسهل حذف الخطأ في التسجيل وتصحيحه.
إلا ان اللافت هو “قدرة” نجوم الغناء على تقبّل الخطأ والتغاضي عنه والتعامل معه بطريقة عادية، وتكراره. ما يعني ان المغني لم يعد حريصاً على الظهور في الحفلة الحية بأفضل ما يكون، فيكتفي أحياناً بمظهره وببعض الحركات التي يؤديها على المسرح وبـ“قول” الأغاني كأنها إلقاء لفظي يشبه أي كلام منغّم، لا يستدعي جهداً أدائياً. وهو لا يكترث أيضاً إذا حفظت الحفلة الحية في سجله، وأعادت الفضائيات عرضها عشرات المرات. وهذا ليس أمراً جيداً: أن يطل المغني على الجمهور “دائماً”، وهو يكرر الأخطاء نفسها!
ولعلّ أغرب الغرائب هو أنك لا تلاحظ على وجه المغني أو المغنية، وخصوصاً أمل حجازي، أي تأثر في ملامح الوجه يدل على انها تعرف أي أخطاء ارتكبت. تغني وتخطئ، وتغني وتخطئ، وتغني وتكمل الغناء كأنها لم تخطئ، أو لم تعرف انها أخطأت. والقاعدة ان المغني القدير حين يخطئ في أداء نوتة معينة أو في الوصول الى الطبقة الصوتية المطلوبة، يحاول سريعاً استدراك الموقف. أضف إلى ذلك أنه يمكنك في أي لحظة، ومن خلال نظرة عينيه، ان تكتشف انه يعرف خطأه، فيلجأ إلى تصحيحه. أما المغنون غير العارفين ما يفعلون، فيراكمون الأخطاء الأدائية في الأغنية الواحدة حتى تعجز الأغنية نفسها عن الاحتمال... ولا يبدو ان كثراً من نجوم اليوم يرغبون في تقوية إمكاناتهم الأدائية، فهذا كان من زمان. أما اليوم، فالمغنية والمغني ينطلقان إلى عالم النجومية... كاملين مكمّلين!؟
هل غريب ان نقترح على أمل حجازي ان تلغي الغناء الحي وتكتفي بـ“البلاي باك” عندما تدعو حاجة... الجماهير!؟