يلقي الشاعر أدونيس ابتداءً من صباح غد أربع محاضرات في مكتبة الاسكندرية ضمن برنامج “الباحث المقيم”. وكانت “هيئة قصور الثقافة” الحكومية قد استبقته لتصدر الأجزاء الثلاثة من “ديوان الشعر العربي”، وهي مختارات صدرت للمرة الأولى عام 1964 انتقاها أدونيس من مسيرة الشعر العربي. وكل ظهور لأدونيس في مصر، هو في حد ذاته حدث يعيد إحياء الكثير من السجالات، ويقسم المثقفين حول أحد أكثر الشعراء والمثقفين العرب اثارة للجدل في القرن العشرين.تحمل أولى محاضرات أدونيس عنوان “الثابت والمتحول في الثقافة العربية” ويعيد خلالها صاحب “أغاني مهيار الدمشقي” قراءة كتابه “الثابت والمتحول” بعد أكثر من ثلاثين عاماً على صدوره. والمعروف أن “الثابت والمتحول”،الذي يُعدّ من أبرز مراجع الحداثة العربية، ما زال موضع جدل واسع بسبب ما يراه بعض المحافظين اجتراءً على النص الديني. لكن أدونيس الذي لم يكتفِ بالريادة في مجال القصيدة الحديثة بل وضع يده في منطقة التراث الملتهبة، يرى أن كتابه يناقش تأويل النص الديني والممارسة المترتبة عن هذا التأويل، كثقافة النفي والإلغاء والتكفير.
ويخوض أدونيس في محاضرة ثانية بعنوان “الذائقة الشعرية العربية: ديوان الشعر العربي”، في المعيار الذي اختيرت على اساسه نصوص وأبيات “ديوان الشعر العربي”، وفي نظرة الشاعر أدونيس اليوم إليه بعد أربعين عاماً على صدوره.
يكتب أدونيس في مقدمة الطبعة المصرية لـ“ديوان الشعر العربي” أنّها تأتي تأكيداً أن الشعر هو “الأكثر رحابة والهواء الأكثر نقاوة”، وعلى أنه “التعبير الأجمل والأكمل عن الهوية”. ويضيف في المقدمة التي حملت عنوان “الهامش الذي صار متناً”، أنه اختار هذا الديوان في مناخ ثقافي حاد “ويذكر المعنيون حدة الهجوم على هذه التجربة وكيف أنه تخطى الحدود الشعرية ــ الفنية إلى تجريح شعرائها والتشهير بهم والتحريض عليهم واتهامهم سياسياً بالعمالة للأجنبي وبهدم التراث واللغة العربية”.
وأشار ادونيس إلى أنه بعد 42 عاماً على صدور “ديوان الشعر العربي”، ينظر اليه اليوم كحدّ فاصل “ولهذا، يبدو كأنه المرجع الفني الجمالي الأول للشعر العربي، حيث لا نقرأ فيه السلطة بل الإنسان. ولا نرى فيه المؤسسة بل الفرد. ولا السياسة بل الحرية. ولا القبيلة بل التمرد. ولا بلاغة المتبع بل تجربة المبدع”. ويحاضر أدونيس أيضاً في مسألة “الشعر والفكر”، قبل أن يختم زيارته في 15 من الشهر الجاري، بمحاضرة عن “الشعر والهوية”.
وكانت مكتبة الاسكندرية قد استضافت العام الماضي ضمن برنامج “الباحث المقيم” المفكر المصري المقيم في فرنسا رشدي راشد الذي يعنى بدراسة تاريخ العلوم والفلسفة في القرون الوسطى. ومن المشاركين في برنامج “الباحث المقيم” خلال الفترة المقبلة: التركي رمضان ششن، والمغربي أحمد شوقي بنين، وأستاذ تاريخ العلوم في جامعة “هارفارد” الاميركية عبد الحميد صبرة.
(الأخبار)