strong>نجوان درويش
يبدو أنّ انتقادات الزملاء العرب هي أكثر ما يجمع أمين معلوف والطاهر بن جلون، الكاتبين العربين اللذين حصلا حتى اليوم على جائزة غونكور الفرنسية.
لكن اختيار كل منهما الفرنسية لغةً للتعبير، لم يقلل من موقعه على الخريطة الثقافية العربية التي بقيت تتعاطى مع “نجميها” بكثير من الحفاوة. وكانت الترجمة ــ بالنسبة الى الكاتبين اللبناني والمغربي ــ هي طريق العودة الأقصر الى اللغة الأم.
المغربي الطاهر بن جلون (1944) كان أول عربي ينال جائزة غونكور عام 1986 عن روايته “ليلة القدر” تلاه اللبناني أمين معلوف (1949) الذي حصل عليها عام 1993 عن روايته “صخرة طانيوس”. وفيما كانت الانتقادات الموجهة لمعلوف تندرج ضمن الإطار “المقبول” للنقد، اتخذت طابعاً أشد قساوة وتجريحاً عندما تحوّلت الى بن جلّون. ولعل مداعبة المخيلة الاستشراقية هي أبرز ما اتُّهم به الروائيان. ففيما كان التاريخ العربي الإسلامي وجزء من تاريخ لبنان هو المنبع الذي نهل منه معلوف؛ نجد أنّ الواقع الاجتماعي في المغرب ومتاهات الهجرة وتعقيدات العلاقة المغربية الفرنسية هي المادة التي غرف منها بن جلّون. كان تقديمه نماذج بشرية فولكلورية وصوراً قاتمة عن الواقع الاجتماعي المغربي سبباً أساسياً لما شنّ عليه من حملات. وهو بذلك وقف على النقيض من أمين معلوف الذي قدّم صورة أكثر ايجابية عن العربي وإن أخذ بعض النقاد عليه ما يسمّى بالمسحة الاستشراقية التي تظهر في ثنايا بعض رواياته ومنها “سمرقند” (1988). تتناول الفصول الأولى من الرواية شخصيات تاريخية منها نظام الملك وعمر الخيام وحسن الصباح وزمنهم التاريخي في كشف معاصر، فيما تشوب بقية الرواية مسحة هوليودية مع غرق التايتانيك ومغامرات حَبّيب الأميركي في إيران المحجبة.
نقلت معظم أعمال أمين معلوف إلى العربية، وحظيت برواج واسع بين القراء العرب، فيما لم تحظ روايات بن جلّون عربياً بإقبال مماثل، على رغم أن الأخير يعدّ من أكثر الكتاب الفرانكوفونيين رواجاً في العالم.