strong>عبد الغني طليسلم تكن المغنية كارول سماحة تحتاج إلى شقّ طويل في فستان أزرق أو أحمر كي تعلن انتماءها إلى هذا «العصر» الغنائي. لم تكن لفساتينها في المسرح الرحباني شقوق من هذا النوع، بل كانت ملابس، تكشف عن جسدها وتستره، حسب مواقف المسرحية، من دون أن تعلن تلك الفساتين هدفاً، هو كشف الذات.
أما في كليب «زعلني» الذي بدأ يعرض أخيراً، فتفصح فستانين سماحة عن هذا الهدف الذي لم يعد أمراً مستهجناً أو غربياً. وليس في هذا الكلام غمز أو لمز بالمعنى السلبي، أي دعوة كارول إلى ارتداء ملابس «مسرحية» في كليباتها، بل هو وصف لدخول المغنية اللبنانية مرحلة جديدة، تحدثت عنها طويلاً في الشهرين الأخيرين وعدَّتها نقطة تحول في مسيرتها، وخصوصاً في ما يتعلق بالأفكار التي تطرحها في أغانيها، وشكل هذه الأغاني، وشكلها هي كمغنية، وهذا هو الاساس.
الشكل الجميل الذي ظهرت فيه كارول في «زعلني» تحت إدارة المخرج الفرنسي، جاء ثورياً، تماماً كما رغبت هي مذ قررت مغادرة المسرح الرحباني للبحث عن هوية غنائية خاصة. الهوية الغنائية اليوم لا يمكن ان تكتمل من دون اطار بصري، اي الكليب الذي قفزت فيه بجرأة... لكنها في الكليب قبل الأخير، أُصيبت بجمود مفاجئ، لم تسمح له بما لها من فطنة، أن يتفاقم. فبادرت الى خطوة تحررية من «المرحلة السابقة»، وبدأت مرحلة جديدة هلّت تباشيرها في «زعلني».
اللافت في الكليب الجديد انه من «انتاج كارول سماحة». وهي الاشارة العملية الاولى الى انفصالها عن مدير أعمالها الملحن نقولا سعادة نخلة الذي كانت شركته تتولى انتاج البوماتها. ومن ينظر جيداً الى الكليب، يدرك انه يشير ايضاً الى نوعية الانتاج الذي تخطط له كارول مستقبلاً، بل الى نوعية «الصورة» التي تطمح في تقديمها: صورة المغنية المثيرة لا المغنية القديرة فقط. واذا كانت في كليباتها السابقة تتحرك في هذا الاتجاه بخفر، فهي في كليب «زعلني» تتحرك بطلاقة وحبور وفرح و... اقدام استدعى «وقفات» و«نومات» امام الكاميرا، لا تفسير لها إلاّ اطلاق مكامن الرغبة في البصر والخيال لدى المشاهد المهيأ جملة وتفصيلاً لذلك...
نجحت كارول في تحقيق مرادها. صحيح انها كانت في أغانيها المصورة السابقة، جريئة ومتحررة ايضاً، ولم تقدم في كليبها الاخير على صعيد «الكشف الحسي» اضافة كبيرة الى تلك الجرأة. لكنها في «زعلني» أرادت أن تفارق ماضياً، لتتحرك بين ايد غربية وتقنيات غربية أكثر في الإيحاء. اختارت صورة مطلوبة لديها هي أولاً، لا تبتعد عن صورة مغنيات أخريات بتن رمزاً للأنوثة الصارخة. كأنها أحست بأنها في موقع اقل من موقع مغنيات جميلات اختلط في صورتهن الصوت بالجسد، وان الجمهور ينظر اليها على اساس انها لا تزال مغنية مسرح أرادت الانتقام ممن لا يرى انوثتها، ومن صورة المغنية المسرحية التي ليس سهلاً اخراجها من الذاكرة من دون صدمة. وجاء كليب «زعلني» ليكون الصدمة الجملية المنتظرة».
لكن مشكلة كارول سماحة هي في عينيها لا في جسدها. عيناها قاسيتان بينما جسدها لين العريكة. ما يقوله جسدها اكثر حميمية بكثير مما تقوله العينان اللتان «تمثلان» عواطف جياشة. لذا، ينبغي لكارول ان تتدرب على أن تكون عاشقة العينين!