بيار أبي صعب
«ارتداء الحجاب في مصر عودة الى الوراء». كم يبدو هذا الموقف موضع ترحيب، حين يتخذه مواطن مصري يعدّ نفسه من ورثة قاسم أمين وعلي عبد الرازق وطه حسين. أما أن يرد هذا الكلام على لسان وزير الثقافة المصري، فهذا ما يدعو الى الحيرة.
انتشر الحجاب في مصر بشكل مضطرد، على امتداد العقدين الأخيرين. وهذا مؤسف لأسباب عدة، لا علاقة لها البتّة بالموقف من الإيمان أو من الدين الحقيقي. لكن من يقرأ تصريح الوزير حسني يوم أمس في جريدة «المصري اليوم» القاهريّة، يخيّل إليه أن قائل هذا الكلام غريب عن الواقع، أو يحاول اختزاله وتبسيطه بطريقة مريبة!
كأن ظاهرة انتشار الحجاب مصيبة وقعت علينا من السماء في يوم مشؤوم، لا ردّ فعل أخرس ومكتوماً، له صدى عميق في المجتمع، على واقع سياسي واقتصادي بائس، على شفير الهاوية. تشاء المصادفات طبعاً أنّ العقدين الأخيرين اللذين شهدا تصاعد موجة ارتداء الحجاب في أوساط مختلفة، شارك خلالهما الوزير فاروق حسني في الحكومة بلا انقطاع. فما هي البدائل «المدنيّة» التي قدّمتها حكوماته المتعاقبة كي تستردّ الناس المحبطين من الخيارات الغيبيّة، وردود الفعل المتشنّجة؟
كلام فاروق حسني تنويري، لكنّه «تنويري شيك»، أي بعيد عن الناس، وغير معني بالتقدّم والتطوّر الفعليين. ربّما لا يعرف الوزير أنه شريك في المسؤولية عن كل الآفات المتفشية في المجتمع، وأن العودة الى الحجاب بعد قرن تقريباً على هدى الشعراوي، هو غالباً موقف احتجاجي ضدّه، وضدّ السلطة المسؤولة عن كل الهزائم والانهيارات.