صباح أيوب
لم تعد أحداث لبنان تسبّب أي “إرباك” للصحافة الأجنبية، مهما كانت مفاجئة وآنية: على العكس، يتصدّر الخبر اللبناني “بارتياح” الصفحات الأولى مع تغطية شاملة وميدانية للأحداث، وأرشيف مليء بالتواريخ والصور، و“ملفات خاصة” تتوزع عناوينها بين “الاغتيالات السياسية” و“الحرب العسكرية الأخيرة”.
منذ حادثة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، تحوّل لبنان الى محطّ أنظار العالم، مشاهدين وقرّاء.
لذا، استنفرت وسائل الإعلام العالمية، مراسليها لتواكب تطور الأحداث في “بلد المفاجآت”، متحدّية وتيرتها المتصاعدة والسريعة. لم تعد هذه الصحف تتّكل على أخبار الوكالات أو تكتفي بها، بل باتت تتنافس في ما بينها للحصول على مقابلات خاصة وصور حصرية وتغطية أشمل.
أمس، تصدّر خبر اغتيال الوزير بيار الجميّل الصفحات الأولى لغالبية الصحف العالمية، مع تقديم مقالات عن “مؤشرات حرب أهلية جديدة” و“استرجاع السلطة بالدم” و“دفع لبنان الى الهاوية”، إضافة الى تداعيات الحدث على الصعيد المحلي، وتأثيره في قرار مجلس الأمن في إقرار مسودة المحكمة الدولية.
عمدت الصحف الأميركية مثلاً، إلى جمع أخبار مراسليها في بيروت وواشنطن والأمم المتحدة، ودمجها في مقالات تقريرية أو تحليلات سياسية. وتضمنت تغطياتها الميدانية (“واشنطن بوست”) جولات في “الشارع المسيحي” وأخرى في “الشارع الشيعي” (حارة حريك) حيث جسّ الصحافيون نبض الناس، ونقلوا سخطهم، مشيرين إلى إطلاق نار في “المناطق الشيعية” من بيروت.
وخصصت هذه الصحف قسماً كبيراً لتغطية تصريحات فؤاد السنيورة وسعد الحريري ووليد جنبلاط ومروان حمادة، و”الكلمات المهدئة” لوالد الشهيد، الرئيس أمين الجميّل. ونقلت الصحف الأميركية “الردّ الأميركي” على الحدث، المتمثل في تعليقات كل من الرئيس جورج بوش وجون بولتون ونيكولاس بيرنز. وخصصت “لوس أنجلس تايمز” صفحاتها للحديث عن سجل “تاريخ أسرة مع الاغتيالات” معدّدة سلسلة العمليات التي تعرّضت لها عائلة الجميّل تاريخياً. أما الصحف الاسرائيلية التي تغرق منذ فترة في نقل أخبار أزماتها الداخلية ونتائج الحرب الأخيرة، فقد اكتفت بنقل الخبر مع فتح المجال أمام تعليقات المواطنين الاسرائيليين (صحيفة “هآرتس”). وعبّر زوار الموقع الإلكتروني للصحيفة عن “استنكارهم” و“غضبهم” على عملية الاغتيال. وأرفقت صحيفة “جيروزاليم بوست” الخبر بتحليل سياسي يتهم سوريا بارتكاب هذا الاغتيال، “كما كل الاغتيالات السابقة”.
ومن “عودة الحرب الأهلية” إلى “استئثار الدم بالسلطة” و“التوازن اللبناني الهش”، عنونت الصحف الفرنسية مقالاتها الخاصة بلبنان. وسجلت صحيفة “لو فيغارو” اهتماماً خاصاً بالحدث. إذ أوردت إضافات مباشرة على الخبر على موقعها الإلكتروني، تزامناً مع كل تطور آني كان يحدث في لبنان. وانفردت بتخصيص قراءة للصحف اللبنانية وكيفية تناولها خبر الاغتيال. لكن جولتها لم تخل من “تصنيف” غير دقيق للتعريف بالخط السياسي لكل صحيفة لبنانية.
من جهتها، قدمت الصحف البريطانية تغطية خاصة للحدث هذه المرة، وأفردت صفحات عدة لتغطية الحدث ميدانياً، ورصد ردود الفعل الدولية عليه. ووقّع أحد أبرز رسامي الكاريكاتور في صحيفة “ذي غارديان” رسماً ساخراً عن التدخلات الاسرائيلية والسورية والايرانية في لبنان. وهو ما قدمته أيضاً صحيفة “تايمز” التي أرفقت الرسم الكاريكاتوري بثلاث مقالات تحليلية للوضع اللبناني وتداعياته الإقليمية والدولية.