محمد شعير
يعود الروائي المصري بهاء طاهر إلى التاريخ في أحدث رواياته “واحة الغروب” الصادرة أخيراً في سلسلة روايات “الهلال”. لكنّـه التاريخ الذي يلقي بظلاله على الحاضر، تماماً كما فعل في روايته الشهيرة “الحب في المنفى” التي اختار فيها أن تكون مذبحة صبرا وشاتيلا واجتياح لبنان إطاراً للحديث عن علاقة الأنا العربية بالآخر الغربي!

الواحة هي سيوه أحد الأماكن البكر في مصر في آواخر القرن التاسع عشر تضم آثاراً هائلة، كان أحدها معبد آمون الثاني (أحد آلهة مصر القديمة) الذي اشتهر بين أهالي المنطقة بمعبد “أم عبيدة”. يظل المعبد يقاوم عوامل الطبيعة التي في تلك الصحراء الكبيرة، من بينها زلزال شهير وقع عام 1811 وأدى الى تدمير جزء من المعبد. على رغم ذلك، بقي المعبد محتفظاً بشكله العام. لكن عام 1897، قام محمود عزمي مأمور الواحة بمؤامرة ضد المعبد: لقد فخّخه بالبارود ليستخدم أحجاره لبناء بيته. ولم ينسَ أيضاً أن يستخدم ما بقي من أحجار في تشييد درج لقسم الشرطة.
هذه هي الخلفية التاريخية للرواية التي يختمها بهاء طاهر بقائمة المراجع التاريخية التى عاد إليها ليكتب روايته. يحاول بهاء في الرواية أن يفهم شخصية المأمور والسبب الذي دفعه الى الإقدام على فعلته؟
لكن التاريخ في الرواية ليس إلا حيلة روائية لجأ اليها بهاء طاهر للحديث عن الحاضر. لأن السؤال المضمر في الرواية: هل ثمة تشابهات بين ما يحدث الآن وما وقع في سيوه فى نهاية القرن التاسع عشر؟
يطرح طاهر سؤاله في لغة سردية شفافة، وبساطة لا تتناقض مع مفهوم الفن، ليمتزج الذاتي بالموضوعي، والحاضر بالماضي، والواقع بالتاريخ. وتتوافر في شخصية محمود بطل الرواية ثيمة أخرى تجعل بهاء يعيد علينا طرح موضوعه الأثير الذي تناوله في عدد من رواياته مثل “العلاقة بين الشرق والغرب”. إذ يتزوج محمود كاثرين الإنكليزية التي تحاول السفر إلى الواحة من أجل البحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر. وينتقل من أجلها إلى هناك. كل هذا شكّل بيئة مناسبة ليقول لنا صاحب “قالت ضحى” ماذا تفعل الدكتاتورية بنا؟