خالد صاغيّة
الفضائح في لبنان ليست فضائح. فهي لا تفضح شيئاً، لأنّ الأمور، إجمالاً، مفضوحة.
يستطيع أيّ سياسيّ أن يتّخذ أيّ موقف. أن يقول ما يشاء. أن يتحالف مع من يشاء، وأن يتصارع مع من يشاء. ما عاد الأمر يفاجئ أحداً. وتستطيع الدولة أن تنفق كما تشاء وأن تهدر كما تشاء، وأن تسحق الفقراء والمهمّشين من مواطنيها كما تشاء، ووفقاً للسياسات التي تشاء. ما عاد الأمر يفاجئ أحداً.
لكن، وسط هذا الفجور كلّه، لا بدّ من «تحييد» بعض القضايا. لا بدّ من تحييدها حفاظاً على الحدّ الأدنى من إنسانيّتنا، من حقّنا البسيط في أن نكون من سلالة البشر. فحتّى هذا الحدّ الأدنى ضاع بين أرجل المتسلّقين.
منذ فترة غير بعيدة، اقتحمت حياتنا قصّة المقبرة الجماعيّة في عنجر. يكفي عادةً ذكر عبارة «مقبرة جماعيّة»، حتّى يكفّ أيّ آدميّ عن إطلاق الترهات. لكنّ ذلك لم يحصل وقتها. وعمدت باقة من سياسيّينا المتذاكين إلى استغلال المسألة بأبشع الأساليب، وأكثرها «رخصاً».
اليوم يتكرّر المشهد نفسه مع مسألة لا تقلّ خطورة. مرّ قرابة ربع قرن على تهجير جزء كبير من اللبنانيين من قراهم. وما زالت المسألة تتعرّض للتكاذب السياسي، ولتحيُّن الفرص لاقتناص درهم من هنا، و«لهط» درهم من هناك، نكاية بتيّار من هنا، وتملّقاً لتيّار من هناك.
«طقّ شلش الحيا» من زمان. ما «طقّ» اليوم هو شلش الحياة نفسها. شلش أن نستحقّ هذه الحياة.