خالد صاغيّة
قرّر مجلس الوزراء ألا يعوّض على عمّال لبنان، المتضرّرين منهم كما المصروفين من عملهم خلال الحرب الأخيرة. أسباب عدم التعويض وجيهة من وجهة نظر الرئيس فؤاد السنيورة (راجع عدد الأمس): «التعويض يرتّب تكاليف على الخزينة». لكن الأهمّ أنّ «الأولويّة يجب أن تكون لتعويض المؤسّسات»، لا عمّالها.
عودة صريحة إلى فؤاد السنيورة الأصليّ. فؤاد السنيورة «بتاع زمان»، وزير المال الذي ينتمي إلى مدرسة اقتصادية تعطي الأولوية لأصحاب الرساميل. فحين يرتاح هؤلاء، سيرتاح الجميع من عمّال وعاطلين من العمل، وسيرتاح البلد أيضاً.
هذه هي المدرسة التي أعادت هيكلة البلد بعد الطائف. هذه هي المدرسة التي تجعل عدداً كبيراً من المواطنين يشعرون بالغثيان لدى سماعهم السنيورة بالذات يتحدّث عن الدولة الحاضنة لجميع أبنائها. هذه هي المدرسة التي تتيح للأنبياء الكذبة أن يخاطبوا شعباً كاملاً «من فوق»، لمجرّد أنّ موائدهم حافلة بملاعق من ذهب. هذه هي المدرسة التي أرهقت الخزينة بحجّة التخفيف عنها. وهذه هي المدرسة التي ستجعل لبنانيّي اليوم ولبنانيّي الغد وبعد غد، يسدّدون فوائد الديون المتراكمة.
هذه هي المدرسة التي تبنّتها حكومات الطائف التي كان فؤاد السنيورة ذراعها المنفّذة. لكن، على الأقلّ، كان اللبنانيّون يومها يواجَهون بحجّة غياب الأولويّات. أمّا الآن، فقد بلغ الاحتقار لحقوق العمّال ومصالحهم حدّاً لا حاجة معه للتورية. صار باستطاعة السنيورة التصريح علناً عن أولويّاته... أولويّات الطبقات المومس التي ينطق باسمها.