نور خالد
هل حسبها وزير الإعلام المصري أنس الفقي جيداً عندما اتخذ قرار استبعاد “مسلسلات المحجبات” عن العرض الرمضاني على الشاشات المصرية؟ غالب الظن أن الـفــقي كان يريد إبعاد هذا “الهجوم” عن شاشة الدراما، وخصوصاً أن هناك قلقاً عارماً من وصول صورة الشارع، كما هو إلى التــــلفزيون. تلك هي القاعدة في الأنظمة التي تخاف التلفزيون، فتلتهمه.
لكن في الأمر مفارقة. فالتلفزيون نفسه هو الذي استدرج المحجبات إلى عتبته، وأصر رجالاته على مشاركة القطاع الخاص إنتاج مسلسلاتهن، طمعاً بـ “التلهف” الجماهيري لرؤية شكل الفنانات العائدات وأداءهن، وماذا غيرت فيهن السنونالطمع بالإعلانات، في هذا الســــــــياق، أكيد ومنــــطقي. هكذا لم يمانع التــــــــلفــــــزيون منــــــح سهير البابلي نصف ميــــــــــزانية مـــــــسلسل “قلب حبــــــيــــــــبة”. هذا يعـــــني أكثر من 400 ألف دولار وضعت في جيب البابلي. أوتي بخيري بشارة، “شخصياً”، ليخرج المسلسل، وطمع الجميع بكعكة الإعلان الشهية. سهير رمزي تقاضت الأجر ذاته عن مسلسلها “حبيب الروح”، وهو ما لم تحصل عليه سوى إلهام شاهين، صاحبة ثاني أعلى أجر بين نجمات هذا الموسم، عن دورها في مسلسل “أحلام لا تنام”.
أما الأعلى أجراً فهي وردة التي تقاضت 750 ألف دولار عن دورها في “آن الأوان”، عدا 150 الفاً لقاء أداء أربع أغنيات فقط.
إذاً، كان التلفزيون سخياً جداً في دعم مــــــسلسلات المحجــــــبــــــات. لكن ماذا حصــــــــــل بعـــــــــد ذلك؟ منعت إدارته عرض هذه الأعـــــمال. قال أحد المسؤولين إن المصــــــــــــريين الفــــقـــــــراء الذين يعـــــــــيشــــــــون في الضواحي وحقول المحافظات المصرية، أصبحوا اليوم قادريـــــن على مشاهدة الفضائيات.
لم توافق الممثلات المحجبات على هذه النظــــــــــرية، فهــــــــن يعـــــــــرفن أن المواطن المصري الفــــــقــــــــــــير لا يملك ثمن الاشتراك في المحطات الفضائية، كما أنهن يردن التوجه إلى هذه الشريحة من المجتمع.
إنه الشارع مرة أخرى، والصراع بين الفنانات والدولة. تحدثت الفنانات عن “مؤامرة”، وكن يقصدن قرار منعهن من مخاطبة الجـــــــــمهور المصري المتدين، أي القاعدة الجـــــــماهيرية الأكبر في مصر. قطاع الإنتاج، قــــرر، في لحظة وعي “سياسي”، أن يضحي بالإعلانات وبأجور الممثلات من أجل منع اللقاء الخطير بين العائدات والجمهور.
في المقابل، حاول قطاع الإنتاج تعويض تلك الخسارة ببيع المسلسلات إلى الفضائيات، كما حصل مع “حبيب الروح” الذي قيل إنه بيع إلى 14 محطة فضائية عربية.
هل خسر التلفزيون المصري بعد منع عرض تلك المسلسلات؟ الإجابة: ربح السياسة ولم يخسر الكثير من المال.