نيبال الحايك
يذكر المسنون في سعدنايل ذلك المشهد الجميل حين كان القطار يعبر البلدة البقاعية. ويروي رئيس البلدية أنه كان يذهب مع الأطفال للتفرج على هذه الآلة العجيبة تطلق صفاراتها خلال توقفها أو انطلاقها من محطة سعدنايل التي تحولت اليوم إلى حديقة عامة.
كان زياد الحمصي مع أقرانه من الأطفال يرشقون القطار بالحجارة، ثم جاءت الحرب الأهلية وتوقف “خط” العربات عن العبور في البلدة.
ذكريات الطفولة لم تغب عن بال الحمصي، وقرر أن يعيد “القطار” إلى سعدنايل، فاقترح عام 1984 على مدير عام النقل المشترك عبد الله شهاب فكرة إعادة ترميم محطة القطار في سعدنايل على نفقة “مشروع الإرادة الطيبة” الذي يتولاه مع أصدقاء له، ولم يتحقق حلمه حينها، لكن الحمصي لم يستسلم، وفوجئ أهالي البلدة بوجود بقايا قطار جعله الحمصي نواة لـ “مكتبة عامة”.
وأخيراً لبست عربات القطار حلة جميلة وصارت تضم اليوم مكتبة عامة، إذ تحوي “الرفوف” كتباً ثقافية، وفنية، وسياسية، وتاريخية، وتراثية، وقصصاً للأطفال من مختلف الأعمار.
لاقى “القطار ــ المكتبة” إعجاباً من أهالي سعدنايل والمناطق المجاورة، وتحول لأسابيع “محطة” لا بد من زيارتها للاطلاع والمتابعة. ولكن هذه “الهجمة” لم تستمر. القطار سئم انتظار الركاب، أو الأطفال للمطالعة والقراءة. وبدأ الغبار يتراكم على “رفوف” الكتب. فزياد الحمصي حقق حلمه ويقف اليوم مصدوماً أمام تراجع “القراءة” والاهتمام بالكتاب، فهو قدم مكتبته الخاصة ووضعها في “القطار” الذي أقلع من دون ركاب.