بغداد ــ “الأخبار”
قبل أن يطل شهر رمضان، تسابقت بعض الفضائيات على إعلان احتضانها لأعمال عراقية جديدة، علّها تثير فضول مشاهد يحبّ التعرّف إلى مسلسلات بلاد الرافدين. وتسابقت جهات فنية وغير فنية على انتاج مسلسلات محلية، اعتمدت على وجوه غابت عن الشاشة منذ سنوات مثل حسن حسني ومحمود أبو العباس وسهى سالم. أعادت هذه الإعلانات بريق الأمل إلى عيون صنّاع الدراما في بغداد، واستبشر هؤلاء خيراً بنفض غبار الحرب وإبعاد شبح المشاهد الدموية التي يعيشها الشارع يومياً. وبدأ رمضان، وسلّطت الشاشة الضوء على هموم العائلة العراقية في “ميليشيا الحب” و“سارة خاتون” و“رجل من زمن العولمة” و“سيدة الرجال” و“أوركسترا” و“اثمنطعش”... وكانت المفاجأة: معظم هذه الأعمال صوّر خارج البلاد، ما أوقع المشاهد العراقي في حيرة لأن مواقع التصوير الخارجية التي يراها للمرة الأولى، تكاد تختلف عما يعيشه أو اعتاده، وخصوصاً أن المكان يؤدي دوراً مهماً في الكثير من هذه الأعمال، ويشكل إطاراً لأحداثها.
“الأخبار” التقت بعض الفنانين الذين أدّوا في السابق دوراً رئيساً في المشهد الدرامي العراقي، وتحدثوا عن عودة الدراما المحلية إلى الواجهة. فيما أبدى بعضهم استياءً من هجرة بعض المسلسلات إلى الخارج وغربتها عن الحياة اليومية في بغداد.
البداية كانت مع الفنانة عواطف السلمان التي أبدت إعجابها بمواضيع جديدة أراد صنّاع المسلسلات معالجتها. لكنها انتقدت تضخيم المشاكل التي يعيشها الشارع العراقي، وإبرازها في شكل متعمّد، “ما يدفع بالمشاهد إلى الشعور بالإحباط”. وأشارت إلى أن القناة الرسمية “العراقية” لم تقدم هذا الموسم أي عمل درامي، بل اعتمدت على شبكة برامج ضعيفة، “وهو دليل على سوء إدارة المحطة التي لم تعد قادرة على منافسة الفضائيات”.
وأعرب فلاح ابراهيم عن خيبة أمله من المواضيع التي تطرقت لها دراما هذا العام، وقال: “لا أعرف لماذا آثر بعض المنتجين التصوير في دمشق وبيروت. بدت بعض المشاهد غريبة عن المشاهد العراقي، فقدت تلك الأعمال بريقها ولم تعد مقنعة”.
كما انتقد ابراهيم الاستسهال في معالجة مشاكل الشارع البغدادي وتصوير المواطن العراقي على أنه مجرم وقاتل، “تستطيع الدراما اليوم أن تساعد المشاهد العراقي في تخطي أزمته وتقديم حلول للمواطنين والدولة معاً. لكن صنّاع هذه المسلسلات وقعوا في فخّ “التباكي” ونسوا أنهم يقدّمون أعمالهم في فترة حرجة من تاريخ هذا البلد. لذا، أجد أن بعض الأعمال قدم صورة سلبية عن العراق، وأتمنى ألا تحظى بنسبة مشاهدة عالية، خشية أن يتم نقل صورة خاطئة عن شعبنا إلى الخارج”.
أما عبد الجبار الشرقاوي فأعرب عن تفاؤله بمستقبل مشرق للأعمال العراقية، “فقد شاهدنا هذا العام عدداً كبيراً من المسلسلات ذات الإنتاج المحلي. ونجحت بعض الأعمال في معالجة هموم الأسرة العراقية. كنت أتمنى لو صوّرت جميعها في العراق، لكن الظروف الأمنية حالت دون ذلك. وهذه نقطة إيجابية تسجّل لصالح فنانين تحدّوا الظروف القاهرة حتى تبصر أعمالهم النور”.