strong>الجزائر ـــ أبو بكر زمال
معرض الكتاب الجزائري يكرّم جاعوط وميموني ومالك حداد... ويمنع 500 عنوان

عادت الرقابة لتحتل المشهد الثقافي في الجزائر وتخيّم على الدورة الحادية عشرة من “المعرض الدولي للكتاب” التي انطلقت أمس بمشاركة 700 ناشر عربي وأجنبي. إذ وضعت اللجنة الفرعية التابعة لوزارة الشؤون الدينية يدها بقوة على أكثر من 500 كتاب لدور نشر عربية وسحبتها من المعرض الذي يستمر حتى العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر).
وعزت وزارة الشؤون الدينية مصادرتها الكتب الى أنّ هذه الأخيرة “تحرّض على العنف والتطرّف والإرهاب والعمليات الانتحارية”. كما أن بعض المصاحف اكتنف مغالطات تاريخية وأخطاءً كثيرة. وشمل هذا الإجراء سحب 130 رخصة لدور نشر أجنبية كانت ستشارك في المعرض.
وفي رده على الإجراءات المتخذة من اللجنة، قال أحمد بوسنة رئيس لجنة تنظيم المعرض ورئيس مجلس ادارة “الوكالة الوطنية للنشر والإشهار” التي تشرف على تنظيم المعرض بالتنسيق مع وزارتي الثقافة والاتصال، إنّه تم منع هذه “الكتب المتطرفة لأنها تتعارض مع الثوابت الوطنية وقوانين الجمهورية وتهدد السلم الأهلي”، مضيفاً إنّ هذا “لا يعني أنّنا ضد الكتاب الديني الذي يكثر عليه الطلب في هذه المناسبات”.
وانتقد عدد من الناشرين قرار اللجنة ومعاييرها التي اعتبروها “مطاطة وغير محددة المعالم” وطالبوا بوضع هذه المقاييس على طاولة النقاش والتشاور مع المتخصصين لتفادي مثل هذه الممارسات. وعلّق أحد الناشرين: “ليس مقبولاً أن يتم تداول مثل هذه الكتب على أرصفة شوارع العاصمة وأمام المساجد، ثم تظهر اللجنة فجأة في التظاهرات الثقافية لتقوم بعمل استعراضي يوحي بأنّها يقظة ومتنبهة الى كلّ ما يتم نشره”. ولا شك في أنّ الأيام المقبلة ستشهد المزيد من ردود الفعل على قرار اللجنة في صفوف الرأي العام في الجزائر.
ويأتي معرض الكتاب هذه السنة في ظل الاحتفالات بعيد الثورة تحت شعار “الكتابة والتحرر”. هكذا، سيصب الكثير من الأنشطة في كل ما له علاقة بقضايا التحرر في العالم. إذ، أعلنت اللجنة المنظّمة أنّ الدورة ستكرّم جان بول سارتر والكاتب اندريه مندوز والمناضل الشيوعي هنري علاق “اعترافاً بمواقفهم الشجاعة تجاه الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي”.
ومن المتوقّع أيضاً أن يشهد المعرض حضور عدد من الضيوف من بينهم ادموند شارل رو من أكاديمية “غونكور” والكتّاب هنري علاق وشارل هنري فافرود ومالك شبيل وأحلام مستغانمي، إضافة الى المحامي جاك فرجيس وإيمي سيزار وسيقيمون محاضرات على هامش المعرض.
وتخصص الدورة أياماً لمبدعين جزائريين راحلين من بينهم الشاعر والكاتب مالك حداد والشاعر طاهر جاعوط (اغتيل عام 1995 على يد متطرّفين إسلاميين) والروائي رشيد ميموني... إضافة الى الفنان التشكيلي المستشرق اتيان دينيه ومغني الطوارق عثمان بالي. كما ستُخصص ندوة تكريمية لعميد الرواية العربية نجيب محفوظ، يقف خلالها عدد من الروائيين الجزائريين كالطاهر وطار وأمين الزواي وواسيني الأعرج، عند مسار صاحب نوبل. وفي تقليد جديد من نوعه، ستحلّ ايطاليا ضيفَة شرف على المعرض من خلال برنامج مكثف يضم محاضرات وندوات وأمسيات شعرية.
تجدر الإشارة الى أنّ عدد المشاركين بلغ هذا العام رقماً قياسياً إذ ستشارك أكثر من 700 دار نشر من 22 دولة عربية وأجنبية منها فرنسا. والمعروف أن الكتاب الجزائري الذي كان خاضعاً لاحتكار الدولة، شهد في مطلع تسعينيات القرن الماضي نمواً بفضل تعاون بين ناشرين جزائريين من القطاع الخاص وعدد من دور النشر الأجنبية.