عمّان، القاهرة ــ “الأخبار”
لم تتوقف حملات التضامن مع لبنان التي ينظّمها فنانون ومثقفون في مختلف العواصم العربية. بل لعلها ازدادت حدة رداً على الحصار الاسرائيلي. والملاحظ أن نوعاً معيناً من الغناء السياسي “الملتزم” يعود بقوة الى دائرة الضوء هذه الأيام، من القاهرة... الى عمّان، بعد سنوات من التهميش. في مصر كانت “مؤسسة المورد الثقافي” التي تديرها بسمة الحسيني وراء مبادرة مهمة في هذا المجال. حاولت أن تنظم حفلة كبرى لمارسيل خليفة في “مسرح الجنينة” ففشلت. لكنّها لم تستسلم. هكذا نظمت «المورد»، قبل أيام، “بيروت لن تبكي” على المسرح الكبير في دار الأوبرا، بالتعاون مع السفارة اللبنانية في القاهرة، ودار الاوبرا المصرية، وجمعية الصداقة المصرية ــ اللبنانية لرجال الأعمال.
وشارك في الحفلة ثلاثة لبنانيين تميزوا بخطهم الملتزم هم تانيا صالح وسامي حواط وجاهدة وهبي، اضافة الى عدد من النجوم المصريين من بينهم احمد السقا ومنة شلبي وبسمة خالد صالح. وفي عمّان، تألّق نجم أحمد قعبور وأميمة الخليل، في الحفلة الخيرية التي رصد ريعها لمصلحة جهود إغاثة المهجرين والجرحى في لبنان. وجمعت المناسبة بين التعبير عن الأسى العميق، وتجاوزه الى نداء المقاومة وإرادة الحياة. وأشاع حضور الفنانين اللبنانيين الملتزمين في أمسية نظمتها جمعية النساء العربيات وصحيفة "الغد” ومنظمة “كرامة”، جواً من اللهفة المعطوفة على حزن مقيم في النفس.
وسرعان ما راح صوت أميمة يبدّد اليأس زارعاً مكانه الأمل: “إني أحبك أكثر” أهدتها إلى روح الراحل نجيب محفوظ وإلى كاتبها محمود درويش وملحنها مارسيل خليفة: “تكبر تكبر، فمهما يكن من جفاك ستبقى في عيني ولحمي ملاك، لأني أحبك أكثر. نسيمك عنبر وأرضك سكر”.
وأسهم حضور أحمد قعبور مع أميمة في تضافر الشعور العميق بانتصار اللبناني على الظلم والدمار والعنف الأعمى، وهو ما عبّر عنه قعبور في تصريحات غداة مشاركته في الحفلة. إذ قال: “أبناؤنا ليسوا فداءً لأحد بل فداء لحياتهم”.
ولفت صاحب “أناديكم” إلى أن الحياة هي الهدف الأسمى، من دون أن يعدّ موقفه هذا تمثيلاً لحالة تفاؤل، “كما أنها ليست حالة تشاؤم نظراً الى ما يحدث في لبنان”. وأضاف: “نعيش عالماً من دون ألوان قوس قزح، لكننا رغم ذلك محكومون بالأمل، على حد تعبير الراحل سعد الله ونوس”.
وكان قعبور قد بدأ فقرته في الحفلة سارداً قصة الطفلة سلمى “التي أطفأت شمعتها الرابعة حين شرع والداها بتعليمها بعض المفردات الجديدة لتتمكن من تجاوز امتحان القبول في الروضة”. الا أن نهاية القصة حملت معها الحزن والدمار، إذ لم تتمكن سلمى من دخول الروضة “لأنها لم تعد موجودة وقريتها لم تعد موجودة وسلمى أيضاً لم تعد موجودة”. ومن قصة سلمى، بدأ قعبور بتأدية أغنيته الجديدة “بدي غني للناس” التي أطلقها عقب استشهاد الصحافي سمير قصير.