رنا حايك
عادت بيروت إلى نفسها مع “أيام بيروت السينمائية”، أول تظاهرة ثقافية تشهدها بعد العدوان الأخير. والمهرجان الذي انطلقت دورته الرابعة مساء السبت، يواصل رهانه على السينما البديلة بكلّ أشكالها: من وثائقية وروائية، قصيرة وطويلة، فيديو و35 ملم، عربية وعالمية. وتتوزّع العروض حتى 23 أيلول على صالتي “أمبير صوفيل” و“ميتروبوليس”، مسلّطة الضوء على بعض أحدث التجارب السينمائية في المغرب والمشرق العربيين على حدّ سواء، مع تركيز خاص على الجزائر وفلسطين والعراق.
وهذه المبادرة المستقلّة في تنظيم مهرجان ضخم أمَّه الضيوف من خارج لبنان بالعشرات، تقف وراءها جمعية “بيروت دي.سي” التي راهنت منذ تأسيسها العام 1999، على رفع لواء السينما العربية المستقلةبيروت دي.سي” عنوان مغامرة «مجنونة». بدأت الحكاية عندما اجتمعت مجموعة من الأصدقاء، من بينهم هانية مروة، المشرفة على المهرجان ومديرة صالة “متروبوليس” حالياً، وإليان الراهب المديرة الفنية لـ “أيام...” وديمتري خضر وآخرون، يحركهم همّ الدفاع عن الإنتاج المستقل وسينما الشباب. الخطوات الأولى كانت إلى جانب جمعية “شمس”، حيث أبصرت النور النسخة الأولى من مهرجان أراده مؤسسوه مختلفاً، يهتم بالمخرجين “الملتزمين” بعيداً عن النجوم. كان إقبال الجمهور كبيراً آنذاك، وتلمس المنظمون حاجة الساحة الثقافية العربية إلى تظاهرات من هذا النوع. هكذا أطلقت جمعية “بيروت دي سي” مهرجانها الثاني عام 2002، وخطوة بعد أخرى، كان المهرجان يتحول إلى مؤسسة بكل معنى الكلمة، وخبرة “بيروت دي سي” تمضي بها إلى الاحتراف التام. لكن ماذا عن المعايير التي تعتمدها اللجنة المنظمة لاختيار الأفلام؟ وعلى أي أساس يقام المسح السينمائي الذي يجريه المهرجان ويشمل جميع البلدان العربية المتوسطية؟ “الجودة هي المعيار الأهم”، تقول المديرة الفنية إليان الراهب، وأقصد بالجودة الفيلم الذي يقدم إبداعاً حقيقياً ومحتوى صادقاً يتناول قضية تطرح نقاشاً مهماً”.
وتبدي إليان تحفظها تجاه التجارب التي يقع فيها المخرج العربي فريسة النظرة الاستشراقية لمنتجه الغربي، فتنأى بالتالي أفلامه عن نظرته الشخصية إلى قضايا مجتمعه. هذا ما جعل السينما التسجيلية برأيها “الأكثر صدقاً في المرحلة الحالية”.
هل يكون الفيديو هو الحل إذاً؟ تجيب الراهب: “الفيديو جزء من الحل، لأن الفيديو يقدم بديلاً أرخص من حيث التكلفة”. أما سبب دعم “بيروت دي.سي” للفيديو، فهو انعكاس لمقاربات نظرية جريئة لدى الراهب وصحبها: “علينا إعادة النظر في تعريف السينما، وابتداع أسلوب جديد بلغة سينمائية مبتكرة تعبّر عن حقيقتنا ونستطيع تحقيقها بالأدوات التي نمتلكها. هكذا، قد تكون الأفلام الحقيقية البسيطة هي الحل”.