الجزائر- أبو بكر زمال
المشروع كبير والطموحات أيضاً... لكن الاستعدادات تسير بوتيرة بطيئة. هذا ما يمكن استخلاصه من مجريات تظاهرة «الجزائر: عاصمة الثقافة العربية للعام 2007» التي ستقام بعد ثلاثة اشهر. الفكرة قديمة، طرحها الوزير السابق الكاتب محيي الدين عميمور أثناء اجتماع وزراء الثقافة في السعودية عام 2000، وكان يومذاك يريد مشروعاً ثقافياً بخلفيات سياسية. كان عبد العزيز بوتفليقة انتخب قبلها بعام رئيساً بفارق خرافي على منافسيه، بعد حملة قدمت خلالها وعود كبيرة للرأي العام، وارتبطت في إرادة إطفاء الفتنة. وتلك الإشارة فهمها أبناء النظام من الموالين للرئيس، بينهم الوزير الأسبق محيي الدين عميمور الذي وضع بصفته وزيراً للثقافة، إستراتيجية تعيدالاعتبار الى المشهد الثقافي الجزائري. كان المشروع يندرج حينذاك في تحقيق هدف رئيس الجمهورية: السلام على مختلف الجبهات، بما فيها الجبهة الثقافية. لكن الوزير عميمور أقيل من منصبه، لتبقى الفكرة حبيسة أدراج الوزارة، الى أن أعيد طرحها في نهاية 2005. فأعلنت وزيرة الثقافة خليدة تومي، عن البدء بالاستعدادات وألّفت لجنة مشرفة على مختلف النشاطات. وعيّن مشرف عام هو وزير الثقافة الجزائري السابق لمين بشيشي. وقع الاختيار على بشيشي لقربه من التيارات القومية والإسلامية، ولعلاقاته المتميزة مع بعض الدول العربية. وهذا بالضبط ما تحتاجه التظاهرة: أن تتمثّل بشخصية تتمتع بصدقية في الداخل والخارج، لإستقطاب دول قد تتحفظ على المشاركة منها المغرب.
ألّف لمين بشيشي منذ مطلع العام فريق عمل ولجان، منها لجنة الكتاب، ولجنة السينما... لكن المشاكل سرعان ما ظهرت، بعدما استقال بشيشي بعد 6 أشهر على بدء عمله، بسبب تضارب الصلاحيات بين الوزارة واللجنة المشرفة. عندها ارتأت الوزارة استبدال فكرة المشرف العام بمنسقين للجنة التنفيذية، واحتفظت الوزيرة بجل الصلاحيات. وأوكلت مهمة اعادة ترتيب البيت من جديد إلى الوزيرة والروائية زهور ونيسي، الوزير والأب الروحي للتظاهرة محيي الدين عميمور، والوزير والسفير السابق الكاتب كمال بو شامة.
التصريحات التي أعقبت تعيين هؤلاء، أكدت على أهمية التظاهرة التي ستمثّل «ثورة ثقافية» وفق منسّق اللجنة التنفيذية كمال بو شامة. هناك خطة لإصدار 500 عنوان بين كتب مترجمة وإبداعية... انتاج 20 فيلماً و30 عملاً مسرحياً، حفلات موسيقية... ناهيك بالأسابيع الثقافية العربية المبرمجة في 15 دولة، أكدت مشاركتها في التظاهرة. ولعل أبرز ما سيميز الحدث، المعرض الكبير الذي يقام عن الدولة الفاطمية، وابن خلدون ومعرض العلوم العربية.
هل ينجح فريق العمل الذي تألّف خصيصاً لإدارة المشروع، في رفع التحدي؟ وهل يكتب لهذه التظاهرة أن تضخ الحيوية في شرايين الثقافة الجزائرية؟ هناك بين المثقفين الجزائريين من عبّر عن تشاؤمه، لا سيما أنّ التظاهرة تتزامن مع واقع ثقافي هش في العالم العربي، نتيجة العدوان الأخير على لبنان وفلسطين، والأحداث الدموية التي يشهدها العراق كل يوم. لكن الرهان ما زال ممكناً...