جورج موسى
كلنا يعرف أن هناك التلفزيون. إنّه «ديكتاتور مطلق يقولب الوعي الجماعي، ويكيّف الذوق العام، ويخترع الموضة»، كتب يوماً أحد الزملاء. تلك الشاشة أدت دوراً رئيساً في تشكيل ثقافة شعبية جديدة، تعتمد في شكل أساسي على استهلاك الظواهر والنجوم.
وسط عملية التشكيل هذه، أهدى التلفزيون عشاقه نجمة هي هيفا وهبي. عارضة الأزياء قررت احتراف الغناء، واستقطبت جمهوراً كبيراً. أقامت الشابة الحسناء الدنيا ولم تقعدها. جوبهت بحملة شعواء من نقّاد اعتبروا نجاحها تحولاً كبيراً في الذائقة العامة.
وراهن كثيرون على أفول نجمها بعد إطلاق أول أغنية. لكنها فاجأت الجميع، وها هي اليوم تضع اللمسات الأخيرة على ألبومها الثالث. وتصدّرت أخبارها معظم الصحف، ووصلت أصداؤها إلى “بي بي سي” و“سي إن إن”، والمغنيين شاغي وفيفتي سنت، ومسارح الليدو. اختيارات هيفا الغنائية ارتكزت على إيقاع راقص جميل وكلمات خفيفة، وصلت في بعض الأحيان إلى «الإيحاء» الذي تسلّح بجمالها ودلعها الزائد.
من نافل القول إن هيفا ليست مثالاً حقيقياً للمطربة العربية، وهي تعرف ذلك جيداً. لكن الحملة الشعواء التي تشنّ ضدها ليست مبررة، وخصوصاً عندما تصل المسألة إلى اختصار النقاش الثقافي بما تقدمه أو تفعله أو تصرّح به. تبدو معظم الأحاديت التي تطلق عن هيفا مجانية ومضحكة، ويقع على الإعلام الحق في تضخيمها.
زارت معرض الكتاب في بيروت قبل سنتين، فنسي الصحافيون الكتب وهجموا على هيفا. بدأت الحرب في لبنان، فتناست المجلات الفنية ويلات العدوان وشنّت هجوماً على تصريحات نسبت إليها. قدمت «الواوا»، فتجاهل أهل الفن هبوط مستوى أعمالهم، وجعلوا الأغنية شغلهم الشاغل...
هيفا ليست مسؤولة عن مشكلات الفن العربي، كما انها لم تؤسس لموجة «مغنيات الجسد»، لأن كل من حاول تقليدها مني بفشل ذريع. هي ببساطة امرأة جميلة، ذات حضور آسر، فهمت شروط اللعبة ونجحت في تثبيت قدميها في عالم الاستعراض. قد يحمل ما تقدمه الكثير من التساؤلات، ويحتاج إلى دراسة تحليلية تغوص بموضوعية في أسباب نجوميتها. لكن أن تصبح جوهر القضية، فهذا فخّ إعلامي.
أخيراً، تطل هيفا هذا المساء مع نيشان، وبعد أيام في برنامج «كلام في الفن». فهل ينجح المقدّّمان بالتوّغل في شخصية أسرت الشاشة ومشاهديها... وحتى مهاجميها؟